Site icon IMLebanon

هذا ما تعهّد به نتنياهو للأسد لقاء ضبط الحدود؟

مع قرب اكتمال المشهد المستجد نتيجة مشروع التسوية الذي اقترحته الولايات المتحدة على لبنان لوقف الحرب وإطلاق الخطوات السياسية المؤدية اليها، وفي انتظار الردّين الأميركي والإسرائيلي على أجوبة لبنان، كشفت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، عن اقتراح إسرائيلي برفع العقوبات عن الرئيس السوري بشار الأسد، إن ساهم في إقفال الحدود اللبنانية ـ السورية نهائياً أمام قوافل الأسلحة العائدة لـ»حزب الله» من مختلف مصادرها. وعليه ما هي المعطيات المتوافرة حول هذه الرغبة الإسرائيلية؟

منذ ان أطلق لقاء البيت الأبيض الأخير بين الرئيس المنتهية ولايته قريباً جو بايدن وخَلَفه الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي يستعد لدخول المكتب البيضاوي، تسارعت التطورات ومعها الطروحات التي تُعنى بمصير الحرب في جنوب لبنان. وإن كانت الورقة الاميركية التي سلّمتها سفيرة الولايات المتحدة في بيروت ليزا جونسون إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري الخميس الماضي، من أبرز الخطوات التي عبّرت عن وجود تفاهم ديموقراطي ـ جمهوري على الإسراع بالحل في لبنان، يسعى الموفد الرئاسي عاموس هوكشتاين إلى ترجمته، فقد رصدت التقارير الديبلوماسية المتعددة المصادر، حركة إسرائيلية لافتة سعت إلى إشراك موسكو إلى جانب القوى الدولية الاخرى، من اجل تحقيق استراتيجيتها في لبنان.

 

وانطلاقاً من هذه المعطيات الجديدة، كشفت مصادر ديبلوماسية، انّ رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي اختار دوراً أكبر لموفده الجديد وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون دريمر، الذي دخل على خط المفاوضات كخليفة لعدد آخر من نظرائه والقادة العسكريين، ولا سيما منهم وزير الدفاع المقال يوآف غالانت، للقيام بمهمّة غير عادية، عبّرت عن شكل مُحدث للاستراتيجية الإسرائيلية لمواجهة الوضع. وهو ما أوحت به زياراته المكوكية المفاجئة إلى عدد من عواصم العالم، ولعلّ أبرزها تلك التي قام بها إلى موسكو وواشنطن في غضون ايام قليلة، سبقت ورافقت دخول الولايات المتحدة الأميركية مدار الفصول الأخيرة من الانتخابات الرئاسية التي أفضت إلى عودة ترامب إلى البيت الابيض.

 

وقالت المصادر الديبلوماسية المطلعة على جوانب مخفية من مهمّة دريمر والمفاوضات التي أجراها في السرّ والعلن، انّه حمل طرحاً جديداً يقود إلى إشراك موسكو في المعالجات الجارية في شكل من الأشكال. وهو انطلق من دورها الفاعل في سوريا للطلب اليها السعي مع الرئيس السوري بشار الأسد إلى العمل على ضبط الحدود اللبنانية ـ السورية ومنع انتقال الأسلحة المخزّنة فيها إلى لبنان توطئة، لإقفال ما يسمّيه الجميع «الاوتوستراد الإيراني» المفتوح بين طهران والضاحية الجنوبية عبر بغداد ودمشق.

 

وفي مقابل هذا الطرح ـ قالت المصادر ـ فقد تعهّد دريمر بالسعي لدى الإدارة الاميركية الجديدة لتجميد العقوبات المفروضة عليه وعلى سوريا في مهلة تتساوى مع قدرته على ترجمة ما هو مطروح عليه من خطوات يمكن ان يتخذها، عقب ما هو متوافر من معلومات تحدثت عن الإجراءات الجديدة التي باشر بها النظام في مناطق سيطرته، للحدّ من حركة مقاتلي «حزب الله» ومنع أي حراك شعبي أو سياسي أو حزبي يتناول ردّات الفعل لما انتهى اليه العدوان الإسرائيلي على لبنان وخصوصاً اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

 

ولا تغفل المعلومات المتداولة الإشارة الى ما قامت به السلطات السورية على مستوى ضبط حركة النازحين اللبنانيين إلى سوريا، الذين تدفقوا بالآلاف قبل إقفال معبر المصنع الحدودي وبعده عبر المعابر غير الشرعية المتبقية، وتسهيل انتقال عائلات المسؤولين والمقاتلين في «حزب الله» إلى الاراضي العراقية، بإجراءات غير مسبوقة ألقت العبء على الحكومة العراقية بدلاً من أن يتحمّل النظام مسؤولية ملاحقتهم على أراضيه، بعدما تعدّدت الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع للحزب في جوار مقام السيدة زينب ومنطقتي كفرسوسة والمزة ومناطق مختلفة من محيط العاصمة، قبل ان تطاول أخيراً الى جانب المستشارين الإيرانيين وفصائل اخرى تدور في فلك الحرس الثوري الإيراني مواقع لمنظمات فلسطينية ترجمتها الغارة على مكاتب حركة «الجهاد الإسلامي» في دمشق.

 

وفي المعلومات التي أشارت إليها تقارير محدودة بقيت ملكاً للمسؤولين الكبار، انّ دريمر طرح على القيادة الروسية خطة تطالبها بالضغط على النظام لإقفال المعابر التي تنقل الأسلحة الى «حزب الله» من مخازنه في سوريا او تلك التي كانت في طريقها من طهران عبر الحدود السورية ـ العراقية واستهدفت بعضاً منها في الاسابيع الاخيرة التي رافقت العدوان على لبنان منذ 17 أيلول الماضي غداة تفجيرات أجهزة النداء «البايجر» والـ «ووكي توكي»، قبل المضي في برنامج الإغتيالات إلى ان طاولت القيادات الكبرى والسيد نصرالله شخصياً.

 

وإلى هذه المطالب الاسرائيلية المغلّفة بغطاء استعادة الهدوء إلى حدودهم الشمالية، بما يؤدي الى عودة الحياة الطبيعية الى مناطق واسعة هجرها المستوطنون منذ 13 شهراً، والقوا بعبئهم أثقالاً كبيرة على الجبهة الداخلية في البلاد، زادت من التعقيدات الناجمة عن استمرار وجود عشرات الأسرى الإسرائيليين لدى حركة «حماس» وزميلاتها في قطاع غزة. ولذلك ربطتها بخطط تضمن السلام للسنوات المئة المقبلة، كما قال الموفد الإسرائيلي الذي نقل حصيلة مشاوراته في موسكو إلى واشنطن، حيث التقى بالإضافة الى عدد من مسؤولي الادارة الحالية أعضاء بارزين في فريق ترامب، قبيل عودته الى السلطة، مقدّماً الاسباب الموجبة لأي قرار يمكن ان يُتخذ في شأن وقف العقوبات على سوريا إن التزمت بهذه القواعد المطلوبة في فترة زمنية تعبّر عن مدى قدرتها على ضبط الحدود في ظل فشل السلطات اللبنانية الرسمية، طالما انّها اطلقت العنان لـ»حزب الله» للتصرّف على عدد من المعابر وكأنّها طرق داخلية من ضمن البلد الواحد.

 

على هذه الخلفيات توجّه وفد روسي رفيع إلى تل ابيب في خطوة نادرة لم تحصل منذ اندلاع الحرب في غزة ولبنان، وتزامنت مع زيارة عدد من الموفدين الإيرانيين إلى دمشق، كان أبرزهم مستشار المرشد علي خامنئي، علي لاريجاني الذي سبقت زيارته بيومين زيارة لوزير الدفاع الايراني العميد عزيز نصير زاده، الذي التقى بالإضافة الى الأسد مع نظيره السوري علي محمود عباس.

 

وإلى ان تنتهي فصول هذه التجربة الاسرائيلية الجديدة، يترقّب المراقبون الخطوات المنتظرة في الساعات المقبلة التي سترافق زيارة هوكشتاين لبيروت وتل أبيب، وربما كانت باريس على جدول زياراته في نهاية الجولة، لتقدير الموقف، وخصوصاً في ما يتعلق بالتمني الإسرائيلي المزدوج على سوريا والادارة الاميركية الجديدة معاً، ليُبنى على كل ما هو مرتقب من خطوات.