Site icon IMLebanon

لماذا يُصرّ لبنان على أن يكون آخر الواصلين الى دمشق؟

مُسلّحو إدلب الى أين؟ وماذا لو قرّر بعضهم اللجوء الى الشمال؟

 

من كان يتصور، حتى من كبار المتابعين بالشأن التركي– السوري، ان تأخذ العلاقة بين البلدين هذا المنحى الايجابي، بعد حرب سقطت فيها كل المحرمات والخطوط الحمراء، وشاركت انقرة بتدمير معظم مناطق الشمال السوري؟ وبموازاة هذا التطور عادت العلاقات السورية مع الامارات والبحرين وعمان الى وضعها الطبيعي، وباشرت الامارات تنفيذ مشاريع تتعلق بصيانة البنى التحتية في محيط العاصمة، فيما العلاقة مع مصر في تطور دائم، وتشكل القاهرة الداعم الاول لسوريا في كل المجالات، كما تسود العلاقات الودية مع الاردن والعراق والجزائر وتونس والكويت، وبدأت الرياض اجراءات العودة الى الحضن السوري. وكل ذلك يجري في ظل تحالف متين واستراتيجي بين سوريا وايران وحزب الله وموسكو، يتطور يوميا في كل المجالات، حيث تمت معالجة بعض العقبات التي تؤخر وصول النفط الايراني الى الاسواق السورية، كما حصل خلال الاسبوعين الماضيين وسبّب ازمة خانقة تراجعت مع وصول باخرة النفط الايرانية الى بانياس.

 

وفي ظل المشهد الاقليمي الجديد، وحدها الحكومة اللبنانية بقيت تسبح عكس التيار، وعكس التفاهمات الجديدة في المنطقة، متمسكة بسياسة عرجاء تجاه دمشق، رغم انها الدولة الاولى في العالم التي من مصلحتها ان تكون علاقاتها جيدة مع دمشق على كل المستويات، لاسباب تتعلق بالسياسة والتاريخ والجغرافيا وروابط الدم والقربى والمصالح المشتركة، بالاضافة الى الف عامل وعامل، ورغم ذلك يصر رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وفريقه على ان يكونوا اخر الواصلين الى دمشق،ولن يخرقوا العقوبات مهما بلغت معاناة السوريين واللبنانيين.

 

ويقول المتابعون للعلاقات اللبنانية – السورية انه سها عن بال ميقاتي ان لا استقرار في لبنان مهما بلغت الاجراءات، دون استقرار سوريا وبالعكس، ولاعودة للحياة الطبيعية في لبنان سياسيا واقتصاديا وماليا وامنيا وفي كل مفاصل الحياة، دون عودة الحياة الطبيعية الى سوريا، وطالما بقيت حكومة تصريف الاعمال مصرة على القطيعة، وتحميل كل مشاكل لبنان لسوريا، لن تعود العلاقات الى طبيعتها ابدا، ولبنان سيكون الخاسر الاول، وقد لا يجد له مكانا في عملية الاعمار في سوريا…

 

وفي المعلومات المؤكدة، ان ميقاتي يمارس سياسة الوجهين تجاه دمشق، ففي جولاته العربية حمّلها مسؤولية كل المشاكل التي تضرب لبنان، عازيا الامر الى عمليات التهريب للدولار والمحروقات والقمح وكل وسائل الحياة من لبنان باتجاه سوريا، حتى انه قال للبطريرك الراعي في زيارته الاخيرة «التبدلات في سعر الصرف بسبب عمليات التهريب، وغلاء المواد الغذائية بسبب التهريب»، لكنه لم يتحدث عن الفساد وعجز حكومته التي باتت حكومات، والانكى ان ميقاتي يشتري العداء مع سوريا لصالح واشنطن «ببلاش» و»على العمياني»، خوفا من عقوبات قد تشمله كما شملت آخرين. هذه السياسات قد تحرم لبنان من اي حصة في عملية اعادة الاعمار،والمسؤولية لا يتحملها ميقاتي فقط، فالرئيس ميشال عون لم يبادر ايجابيا تجاه دمشق في اي ملف ولم يزرها، وكذلك النائب جبران باسيل وكل فريقه، وصولا الى الرئيس نبيه بري ومجلسه،وكان الاستثناء حزب الله.

 

والسؤال، ماذا سيفعل ميقاتي وكل القيمين على الدولة اللبنانية، بعد المعلومات المسربة والمؤكدة، عن طلب الدولة التركية من المسلحين القيام بالمصالحات مع الدولة السورية؟ وقد ابلغتهم ان الانفتاح على دمشق نهائي ولاعودة عنه، ومن يرفض عليه مغادرة المنطقة.

 

وفي المعلومات المؤكدة ايضا، ان الوجهة الاساسية لمعظم المسلحين ستكون افغانستان، لكن العشرات منهم وتحديدا من السوريين قد يرفضون المصالحات والتوجه الى افغانستان، ويصرون على القتال والانتشار على الحدود مع لبنان والاردن،وتحويل تلك المناطق الى بؤر مسلحة،لشن الهجمات على سوريا ولبنان والاردن. وبالفعل، قد بدأ الجيش السوري سريعا اتخاذ اجراءات استثنائية على الحدود الشمالية مع لبنان،لان تركيا مصرة على تنفيذ الاتفاقات في شمال ادلب خلال ٦ اشهر، وعقد الاجتماع بين اردوغان والاسد في ايار قبل الانتخابات الرئاسية في حزيران، وهذا يفرض على المسلحين ترتيب اوراقهم الآن.

 

هذه التطورات حسب المتابعين، تفرض على الجيش اللبناني اتخاذ اجراءات، والقيام بخطوات تنسيقية مع الجيشين السوري والاردني لحماية الشريط الممتد من درعا حتى العرقوب، وصولا الى الشريط الممتد من ادلب الى الرقة وتدمر وحمص ووادي خالد.

 

والسؤال، كيف يواجه لبنان هذا الخطر في ظل اوضاعه الحالية؟هل يبقى التنسيق امنيا فقط ام يتطلب اجراءات سياسية بين الحكومتين لحماية الحدود؟ هل ميقاتي جاهز للجلوس مع دمشق؟ رغم ان السؤال يجب ان يطرح بطريقة مختلفة، هل ترغب دمشق بالجلوس مع ميقاتي؟كلها اسئلة لاجواب عليها الآن بانتظار انجاز التفاهمات؟