Site icon IMLebanon

تعتبر التوترات اللبنانية مؤشراً لإندلاع بقعة ساخنة جديدة في الشرق الأوسط»

تعتبر التوترات اللبنانية مؤشراً لإندلاع بقعة ساخنة جديدة في الشرق الأوسط»

روسيا تأخذ في الإعتبار لبنان كعامل أساسي عند البحث عن أي حلّ للأزمة السورية

القرابة السياسية بين روسيا ومسيحيِّي لبنان تطورت إلى حدّ الإلتصاق مع بدء الحرب الروسية في سوريا

ليس تفصيلاً أن يُرفع علم روسيا في بيت مري، في العمق الماروني، وأن تتصدر صور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تظاهرة التيار الوطني الحر في بعبدا ويرفع نشطاء التيار من الموارنة علم الروم، في العمق الماروني أيضاً. وليس تفصيلاً كذلك ان تنشط، في مناطق مسيحية – مارونية مختلفة، الجمعية الامبراطورية الأرثوذكسية الروسية، وأن تُرفع القداديس والصلوات في ذكرى سقوط القسطنطينية.

ثمة شعور بقرابة سياسية بين روسيا الاتحادية ومسيحيي لبنان، موارنة وارثوذكس، أعيد بعثها في الاعوام الاربعة الفائتة، وتطورت إلى حد الالتصاق، مع بدء الحرب الروسية في سوريا. وهذه القرابة ربما كانت كافية كي يترفع الموارنة والارثوذكس عن الحساسية التي طبعت علاقتهم منذ قرون لبنانية. وليس خافيا ان الارثوذكس غالبا ما نظروا الى الموارنة على انهم جسر للغرب الكاثوليكي وكنيسة روما على حساب الانتماء المشرقي.

يعود تاريخ العلاقة بين لبنان وروسيا إلى زمن القيصر إيفان الرابع الذي قدم مساعدات سخية الى كنيسة أنطاكية الأرثوذكسية وخصص مبالغ من الخزينة لتغطية احتياجات مسيحيي الشرق. في العام 1773، مع نهاية الحرب الروسية – التركية، حيث أنزلت موسكو قوات بحرية ومعها مدفعية في ميناء القديس جاورجيوس لمساندة انتفاضة الأهالي ضد الباشا. وبعد مرور شهرين استسلم الاتراك لترفع «راية أندرييف»، وهي راية القوات البحرية الروسية في أجواء بيروت. وسميت إحدى ساحات العاصمة «ساحة المدفعية». ودُفِنَ البحارة الروس الذين سقطوا في المعارك مع القوات التركية في مقبرة مار متر في الاشرفية.

في العام 1839، افتتحت في بيروت أول قنصلية روسية كان على رأسها قسطنطين بازيلي وهو دبلوماسي مستشرق. وبين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين نشطت بعثات الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية. وفي العام 1910 افتتحت موسكو في بيروت والقدس ودمشق أكثر من 100 مدرسة ومعهدين للتربية ومدرسة مهنية، إضافة إلى الملاجئ والمستشفيات والفنادق.

تراجعت العلاقة الثنائية نسبياً بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، بفعل جملة عوامل، في مقدمها انشغال روسيا في امورها. ثم عادت وشهدت تطوراً مع رئاسة فلاديمير بوتين، لتصل راهناً الى ذروتها، حيث لم تبخل موسكو في ابراز اهتمامها في الشأن اللبناني، وخصوصاً في الآونة الاخيرة مع تصاعد الحرب السورية والخشية من انعكاساتها لبنانياً.

يقول تقرير ديبلوماسي ان «صنّاع القرار في الكرملين يعيدون تقويم حساباتهم الخارجية في الشرق الأوسط، بعدما صارت الأزمة اللبنانية والتحركات التي ينظمها المجتمع المدني في لائحة عدم الإستقرار في الشرق الأوسط، مما يشير إلى أنّ هكذا أزمة يمكن أن تنسحب إلى دول أخرى كما حصل في سوريا».

ويشير الى أنّ الوضع السياسي في لبنان والآخذ في التصاعد منذ نهاية آب الفائت، منبئاً بأزمة في المجتمع اللبناني، يقرأه الكرملين على أنه «إندلاع بقعة ساخنة جديدة في الشرق الأوسط»، علماً ان لبنان يؤخذ في الإعتبار كعامل أساسي خلال البحث عن أي حلّ للأزمة السورية. وفي حين يبحث اللاعبون الأجانب عن مصالحهم الخاصة، تبحث موسكو عن «يد غربية» وراء الحراك المعادي للحكومة، إذ أنّ «الوضع الجغرافي للبنان في الشرق الأوسط، يعني أنّ أي اضطراب سياسي داخلي سيستخدمه اللاعبون الأجانب من أجل مصالح معينة».

ويذكّر التقرير انه «لأعوام خلت بعد انتهاء الحرب الباردة، كان لبنان منطقة النزاع بين سوريا وعدد من الدول الغربية مثل الولايات المتحدة وفرنسا. وإلى جانب الإنقسام جراء الوضع القائم في سوريا، هناك عدد كبير من المشاكل في لبنان، من دخول أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين والسوريين، وتسرّب الفكر الداعشي والمسلحين من تنظيم «داعش»، لذلك من الواضح أن أي زعزعة للإستقرار السياسي في لبنان يؤثر في موازين القوى في الشرق الأوسط، ويؤدي إلى تدخل من اللاعبين الأجانب في الشؤون اللبنانية الداخلية».

ويعتبر التقرير ان المصلحة الروسية في الوقت الراهن تتجلّى بسيادة لبنان واستقراره، خصوصاً أنه على مرّ التاريخ كان هذا الإتجاه الروسي، فالإتحاد السوفياتي كان من أول الدول التي اعترفت بلبنان كبلد مستقل في العام 1943، وأحد لا ينفي النفوذ والتأثير الروسي النافذ في لبنان».

ويلفت الى ان «موسكو لا تضع حدوداً للعلاقات التجارية والإقتصادية الروسية – اللبنانية، وفي العام 2013، على سبيل المثال، تجاوز حجم التجارة الثنائية 500 مليون دولار. فلبنان يستورد من روسيا بشكل رئيس المواد الخام، ويصدّر إلى روسيا المنتجات الزراعية والتبغ، وهناك لجنة استثمارات روسية في لبنان ولجنة حكومية للتعاون الإقتصادي والتجاري، ومجلس لبناني روسي للأعمال، فضلا عن التشابه في المواقف بين البلدين في اكثر من ملف سياسي، مما يحدو بموسكو الى دعم إستقلال الأراضي اللبنانية وسلامتها».