يقول مصدر ديبلوماسي واسع الإطلاع، أن التشدّد هو العنوان الرئيسي لجولة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في المنطقة، مشيراً إلى أن هذا المناخ سينسحب على التوجّهات الأميركية التي سيعلنها في محطته الختامية في لبنان، حيث سيكرّر ما سبق وتم إعلانه في بيانات وزارة الخارجية الأميركية منذ أسابيع، وتحديداً لدى ولادة حكومة «إلى العمل»، وما أكدته السفيرة الأميركية إليزابيت ريتشارد بعد لقائها مع رئيس الحكومة سعد الحريري، غداة تأليف الحكومة الراهنة. وبرأي المصدر الديبلوماسي المطّلع على اجواء الإدارة الأميركية اليوم، فإن الأولوية لدى الرئيس دونالد ترامب هي «صفقة القرن» التي عقدها مع رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، ولكن هذه الصفقة قد تعثّرت نتيجة المناخ الدولي والإقليمي المعارض لها، وذلك في الوقت الذي فشل فيه أيضاً نتنياهو في دفع خيار المفاوضات مع السلطة الفلسطينية إلى الواجهة، وبالتالي، استمرار التصعيد على صعيد التسوية بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ويضيف المصدر الديبلوماسي، أن كل الإجتهادات والمقاربات السياسية اللبنانية إزاء ما سيحمله الوزير الأميركي من جدول أعمال، لا تتطابق مع مضمون وأهداف الزائر الأميركي الذي لن يزيد أي جديد على المعطيات الحالية بالنسبة للعلاقات الأميركية ـ اللبنانية، وبالتالي، فهو سيكتفي بعرض توجهات بلاده المتشدّدة، مع الأخذ بالإعتبار خصوصية ودقّة المشهد اللبناني والمعادلات السياسية القائمة فيه، وباختصار، فإن الوزير بومبيو، سيضع القيادات اللبنانية أمام خيارات عدة، من دون أن يذهب إلى مستوى إطلاق تعاون ما بين واشنطن وبيروت في أي من العناوين المطروحة على الساحة الإقليمية، باستثناء التأكيد على برامج الدعم الأميركية المستمرة للمؤسّسات الأمنية اللبنانية، وفي طليعتها الجيش.
ويؤكد المصدر الديبلوماسي نفسه، أن الأجوبة التي حملها معه مساعد نائب وزير الخارجية الأميركية السفير دايفيد ساترفيلد من بيروت، لم تلحظ أي تعديلات، خصوصاً على صعيد الموقف الذي أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري، والذي لم يلتقِ السفير ساترفيلد، والذي رفض الطروحات الأميركية لترسيم الحدود البحرية والبرية مع إسرائيل، لا سيما وأنها تتماهى مع الإتجاهات الإسرائيلية في هذا المجال.
ولذا، فإن الإستعداد اللبناني للزائر الأميركي قد أنجز من خلال تفاهم غير معلن على التمسّك في مقاربة كل طرح أميركي، بمضمون البيان الوزاري، وذلك، لجهة النأي بالنفس عن كل ما يتصل بملفات المنطقة، وذلك بصرف النظر عن الجدل الذي أثارته زيارة ساترفيلد والمتوقّع أن تثيره مواقف بومبيو، التي ستكون عالية السقف خصوصاً تجاه إيران و«حزب الله».
وفي هذا السياق، يؤكد المصدر الديبلوماسي المطّلع نفسه، أن المقاربة اللبنانية، لن تتناغم مع الإتجاهات المتشدّدة لدى الإدارة الأميركية، وبالتالي، فإن تحدّياً لا بد منه سيطرح في الأيام القليلة المقبلة، يقوم على بدء التجاذب الفعلي ما بين الحكومة وإدارة الرئيس ترامب، في ضوء الرسائل القاسية التي سجّلها أكثر من مسؤول في الإدارة الأميركية للبنان من خلال إطلاق الأحكام على المعادلات السياسية القائمة فيه منذ الإنتخابات النيابية الأخيرة، مع العلم أن هذه الرسائل لا تستهدف لبنان بشكل خاص، وإنما الحضور الإيراني والروسي في الجوار، وتحديداً على الساحة السورية.