IMLebanon

وحدة اللبنانيّين في رفض التفجيرات الإرهابية عامل مهمّ لمنع جرّ لبنان إلى حروب المنطقة

وحدة اللبنانيّين في رفض التفجيرات الإرهابية عامل مهمّ لمنع جرّ لبنان إلى حروب المنطقة

إستمرار قتال «حزب الله» في سوريا يُبقي لبنان معرّضاً لرياح الإعتداءات الإرهابية

إن استمرار ثغرة انخراط «حزب الله» بالقتال دفاعاً عن نظام الأسد سيبقي المخاوف قائمة من تعرّض مناطق من لبنان لهذا النوع من الجرائم الارهابية

أهم ما تجلى بعد استهداف المقهى في جبل محسن يوم السبت الماضي هو وحدة اللبنانيين، إلى أي فئة او توجه سياسي أو ديني انتموا إليه، في استنكار هذا التفجير الارهابي ورفض العودة الى زمن التأجيج السياسي وإطلاق التهديدات بالانتقام أو ردات الفعل ضد أبناء المناطق المواجهة للجبل وما شابه، والاصرار على التمسك بدور الجيش والقوى الأمنية في تثبيت الأمن والاستقرار والمحافظة على مكتسبات الخطة الأمنية التي أوقفت جولات العنف والاقتتال والتدمير التي طاولت مدينة طرابلس في السنوات الأخيرة، ولم يجن أي طرف مشارك فيها مكاسب أو مميزات سياسية أو غيرها توازي خسارة الأرواح والممتلكات التي حلت بأبناء المدينة وسكانها.

ولكن توحّد المواقف في إدانة واستنكار جرائم التفجير التي استهدفت أكثر من منطقة، وهذا هو الموقف الوطني السليم المطلوب اتخاذه للتعبير عن الرفض المطلق لمثل هذه الأساليب الإرهابية ضد أي جهة أو طرف ما، لا يكفي وحده لقطع دابر حدوث مثل هذه التفجيرات بالمطلق، ما دام لبنان مشرعاً حدوده أمام استمرار تدخل «حزب الله» عسكرياً للقتال إلى جانب نظام بشار الأسد ضد ابناء الشعب السوري الثائرين ضده وخلافاً لإرادة معظم اللبنانيين، لأن هذا الواقع سيبقي ردات الفعل ضد هذا التدخل قائمة ويفسح في المجال أيضاً امام العديد من التنظيمات الإرهابية والجهات المتربصة بلبنان شراً، للنفاذ من هذه الثغرة وتنفيذ مثل هذه التفجيرات لضرب الأمن والاستقرار في لبنان كلّه.

فوحدة اللبنانيين ضرورية لمواجهة هذا النوع من الجرائم الإرهابية وكذلك دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية في مهامها لضبط الأمن والاستقرار والقيام بالاجراءات المطلوبة على هذا الصعيد هو عامل مهم وحيوي لمكافحة هذا النوع من التفجيرات الإرهابية وكل ما له صلة بالارهاب عموماً، وقد أثبت تلازم هذين العاملين الأساسيين، وحدة اللبنانيين ودعم الجيش في مهامه، فاعليتهما في الحد من موجة التفجيرات الإرهابية وبنسب مرتفعة وفي كشف العديد منها قبل حدوثها، في حين فشلت كل تدابير الأمن الذاتي لحزب الله في وقف تنفيذ مثل هذه التفجيرات في السنة الماضية وخصوصاً في مناطق نفوذ الحزب بالضاحية الجنوبية لبيروت وقرى وبلدات البقاع الشمالي.

ولا شك أن استمرار ثغرة انخراط «حزب الله» بالقتال دفاعاً عن نظام الأسد وضد أبناء الشعب السوري على ما هو عليه في الوقت الحاضر سيبقي المخاوف قائمة من تعرّض مناطق من لبنان لهذا النوع من الجرائم الإرهابية انطلاقاً من هذه الثغرة وتحت عناوين وحجج هذا التدخل ولو كانت الغايات والأهداف تصب في نواح أخرى لمنفذي هذه التفجيرات ومن يقف وراءهم كما هو الحال لما يحصل في الوقت الحاضر في العديد من البلدان بالمنطقة والعالم.

وفي مقارنة بسيطة لما كان عليه الوضع قبل تدخل «حزب الله» عسكرياً بالقتال إلى جانب نظام الأسد لم توجه أي تهديدات بتنفيذ تفجيرات أو أي عمليات انتقامية من قبل أي جهة معارضة سورية مسلحة أو أي تنظيم متشدد ولم تحصل مثل هذه التفجيرات الإرهابية في اي منطقة لبنانية كانت مهما كانت ميولها وتوجهاتها، واقتصر الامر على تبادل الانتقادات والاتهامات للدعم السياسي لكلا جانبي الصراع في سوريا، كذلك الامر بالنسبة للدول المجاورة لسوريا والتي لم تشارك بالحرب السورية بميليشيات محسوبة عليها كما هي حال «حزب الله»، فلم تتعرض لمثل هذه التفجيرات أو لأحداث مشابهة لما يحصل في لبنان باستثناء حوادث محدودة جداً لا تقاس بما يتعرض له لبنان بهذا الخصوص.

وانطلاقاً من تدخل الحزب عسكرياً وإمعانه في الانخراط بالقتل ضد أبناء الشعب السوري وعلى نطاق واسع أصبح الواقع في لبنان مفتوحاً على شتى الاحتمالات بفعل استمرار الحرب السورية وتوسع نطاقها وعدم ظهور بوادر مشجعة لوضع حدّ لها في وقت قريب بالرغم من كل المساعي المبذولة بخجل، وبات اللبنانيون عُرضة لحوادث التفجير الارهابي في اكثر من منطقة كما حصل وبات هاجس هذا التهديد يقضّ مضاجع النّاس بفعل التهديدات المتواصلة التي تصدر تباعاً عن التنظيمات المتشددة لتنفيذ مثل هذه التفجيرات بذريعة الرد على تدخل الحزب بالقتال في سوريا ووجود بعض الخلايا السرية والمتعاونين القلائل معها داخل لبنان.

فالموقف اللبناني الجامع والرافض لمثل هذه التفجيرات الإرهابية وردات الفعل من هذا النوع تحت أي شعار كان، أدى عملياً إلى قطع الطريق على توفير اي بيئة شعبية حاضنة أو داعمة وحرم المنفذين، أكانوا أشخاصاً أم تنظيمات متشددة اي ملاذ أو تغطية مهما كانت محدودة بعدما كان يراهن عليها لتوسيع وتجذير بقائه في لبنان، والعمل على ضمّه إلى مستنقع الحروب المجاورة، ولكن يبقى على لبنان تحمل تبعات استمرار انخراط «حزب الله» بالقتال في سوريا وتوقع حدوث مثل ما حصل في جبل محسن وغيره من المناطق، ودفع ثمن هذا التصرّف من ارواحهم وممتلكاتهم، لأن إغلاق باب ما يحدث لا يمكن بشكل نهائي مع استمرار الحزب بالتصرّف على هذا النحو ولصالح المشروع الإيراني بالمنطقة على حساب مصلحة لبنان وشعبه.