أتمَّ نحو 1100 أستاذ متعاقد، حتى اليوم، ساعات التدريس المئتَين والاستحقاق للتفرّغ في الجامعة اللبنانية، مشكّلين العمود الفقري للتعليم من بُعد في الجامعة، كذلك التدريس في كليات بارزة كالعلوم والفنون والعمارة والصحة وغيرها، إلّا أنّ حقّوقهم وُضِعت قيد التحاصص الطائفي والسياسي في التوظيفات.
دورة التفرّغ الأخيرة كانت عام 2014، ومنذ ذلك التاريخ بدأت تتراكم أعداد الأساتذة المستحقين وتتوالى التحرّكات في الشارع، وتتكدّس الحجج التحاصصية. إذ، بحسب ما يقول مصدر جامعي لـ»الجمهورية»، فقد استعان رئيس الجامعة فؤاد أيوب باستشارةٍ قانونية من مجلس شورى الدولة، لحلّ مجلس الجامعة (الذي من المفترض أن يتشكّل من الرئيس والعمداء و4 ممثلين عن اتحاد الطلاب والوزير الوصي).
عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية البروفسور أحمد ربّاح يوضح لـ»الجمهورية» أن سبب حصر قرار مجلس الجامعة برئيسها هو أنّ «العمداء الحاليِّين ليسوا بالأصالة، بل بالوكالة لأنّ الحكومات السابقة لم تعيّن بدلاء لهم. فيما يؤكد المصدر الجامعي أنّ الأقسام التربوية رفعت دورياً تقارير التفرّغ إلى مجالس الفروع في كلياتها التي أحالتها بدورها إلى مجالس الوحدات حيث صُدِّقت وأحيلت إلى مجلس الجامعة المكوّن من الرئيس والوزير الوَصي، أي وزير التربية والتعليم العالي. غير أنّ المحطّة الأخيرة لأسماء مستحقّي التفرّغ لم تكن سوى ضربة لحقوق الأساتذة من رئيس رفع 750 اسماً، عام 2018، نصفهم تقريباً من طائفته، معلّلاً سبب عدم إضافة بقية الأسماء المستحقة بأنّ موازنة الجامعة غير قادرة على تسديد رواتب المتبقّين وحقوقهم، فإن أراد الوزير أو مجلس الوزراء إضافتهم عليهما تسديد مستحقاتهم أو زيادة موازنة الجامعة.
وفي وقت يؤكّد ربّاح أنّ لجنة جامعية رفعت الأسماء إلى الرئيس، فإنه من المعلوم أنّ كل عميد حَضّر موازنة كليّته خلال اجتماعات مجلس الوحدة، موضحاً حاجة كليّته الى المتعاقدين مستحقي التفرّغ والقدرة على تحمّل تفرّغه، واضعاً أسماء المستحقين في تقرير يُرفع إلى مجلس الجامعة أو رئيس الجامعة، ليعمد الأخير إلى شطب أسماء مستحقين، بحجة الأزمة المالية.
في العام 2018، كانت أرقام المستحقين 925، وفي نهاية الفصل الأول من العام الدراسي 2020-2021 أصبحوا 1100، ملأوا فراغ أساتذة متقاعدين ومهاجرين ومتوفّين ومقرّرات ليس هنالك من يُدرِّسها، أي أنّهم البديل الوحيد المُتاح أمام رئيس الجامعة والوزير المعني ومجلس الوزراء لملء الشغور، وإلّا قُضِيَ على السنة الدراسية، وربّما على الجامعة برمّتها، بالضربة القاضية، خصوصاً إذا عصفت موجة الهجرة بهؤلاء الأساتذة، وهي باتت على الأبواب.
ونتيجة الإضرابات شُلّت كليات بكاملها، وتأجّلت طلبات ومقرّرات الماجستير، ودورات التدريب والمنَح التي يوفّرها هؤلاء الأساتذة الشبان والشابات لطلابهم، كما أنّهم كانوا السبب الرئيس في قدرة الجامعة على تدريس فصلَين والدخول في الثالث عن بُعد.
ويشير ربّاح إلى أنّ الكرة اليوم في ملعب وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب، الذي عليه أن «يطلب استشارة قانونية لإيضاح ما إذا كان يحقّ لحكومة تصريف الأعمال أن تفرّغ الأساتذة. وإن أتى الجواب بأنّ حكومة تصريف الأعمال قادرة على إصدار المرسوم الاشتراعي، سيصبح الأمر في يده ويد وزير المال غازي وزني لأنّهما مَن وضعا بند خفض موازنة الجامعة بدلاً من زيادتها في مشروع موازنة العام 2020».
وشدّد ربّاح على أنّ «لا الجامعة ولا رئيسها ولا عمداؤها ولا مديروها لديهم مشكلة مع الملف، نحن في حاجة إليهم لنتمكّن من إكمال السنة الدراسية الحالية والدخول في فصل آخر بعد أشهر».
في السابق، كان كل مستحق تفرّغ ينال حقه مباشرة، غير أنّ تعديلات أضيفت إلى قانون تنظيم الجامعة اللبنانية في التسعينات، فباتت مسألة التفرّغ تمرّ في صلاحيات رئيس الجامعة لتحطّ الرحال في مجلس الوزراء حيث تبدأ الأحزاب ممارسة زبائنيّتها وابتزاز الأساتذة في حقوقهم. غير أنّ تفعيل دور اللجان الجامعية للقيام بالمباراة وتحديد مستحقّي التفرّغ سيكون الحل النهائي الأفضل.
وبحسب مصدر جامعي، يحتاج الأساتذة المسحتقّون للتفرّغ إلى كتاب من وزير التربية والتعليم العالي يوجّهه إلى رئيس الجامعة، يطلب منه فيه إضافة الأسماء المستحقة بدلاً من المماطلة وثَني حكومة تصريف الأعمال أو أي حكومة مقبِلة عن تفريغ المستحقين، خصوصاً أنّ جميع الأسماء تم التمحيص فيها جيداً على يد رؤساء الأقسام في الفروع ومجالسها ومجالس الوحدة ووافق عليها العمداء في الكليات كافة.