Site icon IMLebanon

تحديات الانتظار اللبناني لنهاية اللعبة في سوريا

 

لبنان أسير مقولات صارت مسلّمات، بصرف النظر عن نسبة الواقع والخيال فيها. وليس في التعامل معها سوى شيء من تبسيط أمور معقدة، وشيء من تعقيد أمور بسيطة. فلا أحد، باستثناء قلّة، يناقش في العمق نظرية الارتباط الكامل لمصير لبنان بنهاية اللعبة في حرب سوريا. ولا شيء يتقدم، وسط تذكّر الحكمة التقليدية عن حفظ الرأس وقت تغيير الدول، على التسليم بأن ننتظر نهاية اللعبة. كيف؟ ناس بالانتظار في صالة النأي بالنفس. ناس بالرهان على سياسات وتطورات ليست في اليد ثم الجلوس على حافة النهر ليأتي بجثة العدو حسب المثل الصيني. وناس بالانخراط في حرب سوريا للتأثير في نهاية اللعبة، كما هي حال حزب الله.

لكن أقل ما علينا هو النقاش للتوصل الى أجوبة عن أسئلة لا مهرب منها: كيف ولماذا صار مصيرنا في حال ارتباط كامل بنهاية اللعبة الدامية في سوريا؟ الى أي حدّ ضاق الهامش اللبناني، بحيث أصبحنا نتأثر في العمق بكل ما يدور في صراع المحاور الاقليمية والدولية: من حرب العراق وحرب اليمن مروراً بالتفاوض على الاتفاق النهائي حول الملف النووي الايراني وصولاً الى ترتيب النظام الأمني الاقليمي وتحديد الأدوار فيه؟ واذا كانت قضايانا الكبيرة والمصيرية محكومة بالانتظار، فما الذي يمنع ادارة شؤوننا العادية وترك آلة السلطة تعمل من دون تعطيل لمعالجة امور الناس؟

مهما يكن الجواب، فان الكل يعرف ان اللعبة في سوريا طويلة بعدما دخلت الحرب عامها الخامس. ومن باب الحفاظ على المسار الديبلوماسي تستقبل دمشق الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا وتشجعه على ما لا يفعل سواه، وهو الكلام على الحل السياسي. فالوضع الذي قادت اليه الرهانات على الخيار العسكري جعل المعادلة واضحة: النظام لا يريد ان يعطي، والمعارضة التي تتحدث عن الحل السياسي لا تستطيع ان تأخذ. وملامح الاقاليم تتبلور: اقليم الاكراد، اقليم الخلافة الداعشية، اقليم جبهة النصرة، اقليم الجبهة الجنوبية، واقليم سوريا المفيدة للنظام.

لكن المشهد الحالي في سوريا ليس ثابتا، ولا من الضروري ان يكون المشهد الاخير. فما يدور بين الاميركان والروس هو من اسرار الآلهة. وما تفعله طهران هو كل ما يمكن لمساعدة النظام والدفاع عن الجسر السوري للمشروع الايراني. وما تعمل له تركيا والسعودية وقطر هو دفع الخيار العسكري الى المدى الذي يحدده الكبار. ولا شيء يوحي ان تغيير حدود سوريا مسموح به في النهاية، بصرف النظر عما فعله داعش بالحدود بين سوريا والعراق.

ولا مبرر بالتالي لتجميد كل شيء في لبنان بانتظار نهاية اللعبة الطويلة والمتغيرة في سوريا.