لا نتائج رئاسية للحراك الفرنسي نحو إيران
الانتظار اللبناني معلّق على تنازلات «الأقوياء»
لم تنتظر الديبلوماسية الإيرانية الاعلان عن التوصل الى الاتفاق النووي مع الدول الست الكبرى حتى تبدأ حراكها، انطلاقا من ثابتة عدم الركون كليا الى نتائج هذا الاتفاق المعلّقة على تمريره ومسار تطبيقه، وهي في حراكها تتحسّب لكل الاحتمالات ممسكة بكامل الاوراق المحققة على المستوى الاقليمي والدولي.
واذا كان الملف اللبناني صار ارتباطه لزاماً بتطورات الخارج، بعدما اسقط الفرقاء المحليّون امكانية ترجمته بارادتهم للمرة الاولى على مدار الاستقلال اللبناني، فان التسابق على امتلاك ادارة مباشرة الحل لـ«الملف الاسهل»، أي لبنان، بدأت فور التوصل الى الاتفاق النووي، فكانت زيارة وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس الى طهران حيث كان الملف اللبناني احد ابرز مواضيع البحث.
وربطا بما جرى تداوله خلال زيارة وزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف الى لبنان في محادثاته المعلنة والبعيدة عن الاعلام مع المسؤولين والشخصيات اللبنانية، فان أحد القيادات اللبنانية المتابعين يؤكد ان زيارة فابيوس الى طهران «كانت نتيجتها صفر»، والموضوع اللبناني رغم انه اساسي في الاجندة الفرنسية الّا انه طرح سريعا، وكما العادة «كان الموقف الايراني انهم جاهزون لأي مساعدة، من دون ان يتم ايضاح كيفية وماهية هذه المساعدة».
على ماذا تم الاتفاق اذا؟ يوضح القيادي أن «الاتفاق كان على ان هناك اجتماعا فرنسيا ايرانيا سيعقد في ايلول، على هامش اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة، واذا حصل تقدم او اشارات مشجعة تنقل الى جدول اعمال القمة التي ستجمع الرئيسان الايراني حسن روحاني والفرنسي فرانسوا هولاند والتي ستعقد في شهر تشرين الثاني المقبل». ويؤكد القيادي أنه «إلى الآن، الجانب الايراني ليس بوارد ان يقدم شيئاً، وهو على اتم التنسيق مع حلفائه. والمنطق يقول أنه لماذا يقدمون للفرنسيين في حين ان الباب مفتوح مع الاميركيين؟».
ويرى القيادي نفسه أن «كل من راهن على زيارة فابيوس الى طهران كما على زيارة ظريف الى بيروت وقال ان الفرج الرئاسي قادم، اخطأ. وكل من يريد التنازل يعمد للتنازل الى القوي وليس الى الضعيف، وفق استراتيجية متفق عليها مع الحلفاء».
ويذكّر القيادي بأن «الرهان على الفاتيكان ايضا يحتاج الى انصياع الفرقاء المسبق لنتائج اي تحكيم يقوم به. لذلك في الدوائر الفاتيكانية هناك انتظار لعدم وجود اشارات، والاستحقاق الرئاسي ما زال خارج الاولوية الدولية، والمعادلة التي تريح الاميركيين والمجموعة الدولية، ان الامن ممسوك من قبل الجيش ويثقون بقدرته في الحفاظ على الاستقرار، والوضع النقدي ثابت بإجراءات مصرف لبنان. أما الغطاء الدستوري، فان الرئيس تمام سلام موجود، لذلك كل من حمّسه على الاستقالة خاب، لان السفير السعودي نقل اليه القرار الدولي وابلغه ان لا استقالة ولا اعتكاف. اذا تستمر الامور كما هي عندما يستطيع جمع مجلس الوزراء تعقد الجلسة للنقاش والحوار وتمرير الملّح من البنود».
كانت الانظار منصبّة على حجم ردة فعل رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون على قرارات تأجيل التسريح للقيادات العسكرية والامنية، والمدى الذي يمكن لـ «حزب الله» ان يبقى فيه على «الحياد الايجابي»، اي إلى أي حد يقبل بإغضاب عون، ولم يتأخر الانتظار حتى كانت مواقف الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، والتي قطعت الشك باليقين، من ان «الالتصاق الاستراتيجي» بين الحزب و«التيار الوطني الحر» عصي على الانفكاك. ويعتقد القيادي نفسه أن من يرصد المواقف الاخيرة لقيادات في «حزب الله» يلاحظ حماسا متراجعا في حماية قرارات حكومية لصالح تبني كامل لمواقف عون، مع الاشارة الى ان موضوع تأجيل التسريح تم طيّه والتركيز على القرارات وآلية العمل القادمة.
ربما هناك ايجابية وحيدة من كل ما يحصل، ان على مستوى الحراك الديبلوماسي او على مستوى التأزم الداخلي، وهي انها اظهرت كم هو موقع رئيس الجمهورية ضروري ويؤمّن استقرارا من خلال وزنه المعنوي والمناخ الذي يوفّره دستوريا وحواريا.