Site icon IMLebanon

لماذا تستمر الحروب اللبنانية؟

 

لم استغرب انفجار الاوضاع اللبنانية في نيسان ١٩٧٥، لكن استغرابي كَبُرَ وترسّخ عندما استمرت تلك الحرب طوال 15 سنةً لاحقة، في عمل ملحمي ضخم، لم يبق خارجه لاعب محلي أو إقليمي أو دولي، الجميع انخرط في لحظة ما، ادى مهمةً ثم انسحب مخلياً الساحة للاعب آخر، وفي لحظات السرد المملّ كان ممثلون محليون يملأون المسرح بألاعيب رسمت لهم ، بينما ينهمك الكبار في إعداد، حلقة جديدة من فصلٍ يتوزع على مواسم، هي مواسم الحروب اللبنانية التي “تختفي وبترجع قوية” على قول الشاعر زياد الرحباني.

 

سببُ استغراب هذه الاستدامة في حرب لبنان، مرده ان كل الحروب المعتبرة تبدأ بدوافع وأهداف وتنتهي بتسويات او بانتصارات في شأن الدوافع والأهداف دفعة واحدة. صحيح يمكن ان تستغرق الحرب زمناً طويلاً أو قصيراً لكنها تنتهي في لحظة ما. الحرب العالمية الاولى انتهت والثانية ايضاً، حتى الحرب الكورية انتهت الى هدنة ثابتة، والفيتنامية خلصت الى مغادرة الاميركيين سطح سفارتهم في سايغون، الا انها انتهت وعاد ألد عدوين في النصف الثاني من القرن العشرين الى العناق، وصارت هانوي مقراً لقمة روسية اميركية لم تخطر في بال الجنرال جياب ولا نظيره ماك أرثر.

 

لماذا طالت حرب نيسان اللبنانية ويأتيك من يذكّرك كل يوم باحتمال اندلاعها او انها مستمرة فعلاً؟.

 

اتاح لي الحجر “الكورونيالي” وهو يشبه الهيمنة الكولونيالية الشهيرة، قراءات ومشاهدات. تابعت Home Land عن مغامرات المخابرات الاميركية في الخمس الاول من قرننا، وشاهدت شريطاً عن الموساد، وختمت تسليتي بـ El CHAPO المسلسل الذي يكشف خفايا عمل عصابات المخدرات في المكسيك وجوارها.

 

جعلني ما رأيت أقارن كثيراً من مشاهد حروبنا بصراعات ملوك ومافيات المخدرات. كيف سيطروا على الشوارع والمؤسسات وجندوا الدولة في خدمتهم وتلاعبوا بالأموال ووزعوا الرشاوى وبيَّضوها وقبضوها. ثم كيف عملوا في السياسة فأسسوا احزاباً ودعموا أخرى، وأوصلوا شخصيات الى الحكم وتلاعبوا بالقضاء وهددوا وقتلوا الصحافيين، وفي السياق جعلوا بسطاء القوم يشكرون لهم هدنةً هنا ومدّاً بالمياه أو بالتيار الكهربائي هناك… او تمويلاً لإحتفالات دينية هنالك !

 

كثير من هذه المشاهد رافقت حروبنا التي لا تعرف كيف تنتهي، المخدرات والتهريب والتلاعب كانت جزءا من شطارة موصوفة، ونهب الدولة هو رديف لنهب الناس والتجارة بهم… والتنافس سيقود الى القتل، والقتل العام يعني حرباً وفي لبنان لا تنقص الشعارات كي يجري إلباسها لصراعات المافيات!!

 

في ذكرى 13 نيسان علينا استعادة هذا الجزء من الصورة في محاولة الجواب على سؤال انتهاء الحروب او استمرارها.

 

وفيه سنشاهد بالألوان ما كنا نراه بالأبيض والأسود: الرموز نفسها للمسيرة نفسها… للحصيلة نفسها.