Site icon IMLebanon

اللبناني بمنظور أوروبي   

 

 

أمضى صديق أوروبي خمسة عشر يوماً في لبنان زاوج خلالها بين السياحة والإعداد لدراسة منهجية عنوانها: «كيف يكون اللبنانيون تحت خط الفقر ويقبلون على الحياة بشغف؟»!.. الصديق باحث  أكاديمي في العلوم الإنسانية، مع التركيز على الناحية الاجتماعية. بعد يومين من مغادرته لبنان وعودته الى بلده أرسل إلي بانطباعاته عن بلدنا، في كتاب مطوّل، وددتُ أن أنتقي منه بعض المقاطع وقد عرّبتها عن لغتها الأصلية، كتب يقول:

 

تعرف، يا صديقي، إنني أجول في أنحاء عدة من الزوايا الأربع في هذه المعمورة، وأود ان أُصْدِقك القول إنني لم أجد شعباً مضيافاً مثلكم، فلقد دخلت قصوراً فارهة وفخمة وبيوتاً متواضعة جداً وما بين هذه وتلك، وكانت الأسَر التي حللتُ في منازلها تقدم الضيافة فوق مقدار ما يقدمه الأثرياء عندنا في أوروبا هذا إذا قدموا شيئاً، بل إذا استقبلوا أحداً في منازلهم أساساً.

 

وأحببت تماسك الأسرة في لبنان، وإن كان على نسبٍ مختلفة، ولا أقارن بينكم وبيننا، فنحن افتقدنا مفهوم الأسرة من زمن بعيد.

 

ثم أعجبني هذا الإقبال على الحياة في بلدكم الذي أعرف كم عانى شعبه، منذ خمسة عقود حتى اليوم، من الأحداث الجسام، والموت المجاني، ناهيك بأزماتكم المالية والاقتصادية، وهنا تحضر في ذهني مسألة الودائع التي ذابت في المصارف، ولا يبدو لي أن أصحابها سيتمكنون من استعادتها ولو في الجزء اليسير منها.

 

فوجئت بنمط الحياة والإقبال عليها بالرغم من أن الحرب على بعد كيلومترات معدودة. وكان لديّ انطباع يفيد أن هذا النمط من الحياة هو وقفٌ على المسيحيين اللبنانيين وحدهم  لألمس، في المباشر، أن هذا الانطباع خاطئ، ولقد شاهدت بأم العين، أن المسلمين السنيين والشيعيين وأيضاً الدروز يشكلون حضوراً كبيراً في النوادي الليلية والمطاعم وسائر المنتجعات.

 

لمست انقساماً كبيراً بين الذين قُيّض لي تبادل الحديث وإياهم حول الحرب في الجنوب بالنسبة الى الذين هم مع حزب الله في المطلق، والذين ليسوا معه في المطلق أيضاً، وكذلك الذين كانوا متحفظين… ولفتني بقوة أن أكثر معارضي الحزب لم يكونوا من المسيحيين، وهنا أيضاً كان لدي انطباع خاطئ.

 

طرحت سؤالاً حول المرجعيات السياسية اللبنانية، والتقيت عديدين من مختلف الأطياف، وخلصت باستنتاجات عديدة اهمها: مع الزعيم(…) بالرغم من أنني أعرف سلبياته. أو مع المسؤول الكبير(…) لأنه حماية للطائفة بالرغم من ارتكاباته. أو مع(…) لأنه يوحي لي بالحماية الخ… ولكنني لم ألتقِ لبنانياً واحداً يقول إنه مع هذا الزعيم أو ذلك المسؤول أو ذلك القيادي لأنه يثق بنزاهته ونظافة كفه.

 

وأكتفي بهذا القدر من رسالة الصديق الأوروبي الذي أمضى في ربوعنا أسبوعين بين السياحة والبحث الأكاديمي.