تقريباً، يوازي عدد المرشحات للإنتخابات النيابية في لبنان لدورة العام 2018، عدد أعضاء مجلس النواب، عدد المرشحات هو 111 مرشحة فيما عدد أعضاء مجلس النواب 128 تقريباً.
النساء اللواتي ترشحن، سواء حالفهن حظ الوصول إلى الندوة البرلمانية أو لم يحالفهن، بإمكانهن تشكيل برلمان الظل:
فالعدد يتيح، والإندفاعة تتيح، ولا يستدعي الأمر سوى الإنتظام من أجل تشكيل قوة ضغط وقوة دفع لاقتراح القوانين التي تتخاذل مجالس النواب في الإهتمام بها.
عهدُ المرأة بالإنتخابات النيابية ليس إبن البارحة، بل يعود 65 عاماً إلى الوراء مع ترشح أول إمرأة لبنانية للإنتخابات النيابية، وكانت من زحلة، لكنَّ الحظ لم يحالفها، وهي ترشحت في العام الذي أقرَّ فيه مجلس النواب اللبناني حقَّ المرأة في الإقتراع. أما أول إمرأة دخلت مجلس النواب فكانت ميرنا البستاني إبنة النائب أميل البستاني الذي سقطت طائرته في عرض البحر، فانُتِخبت في انتخابات فرعية عام 1963 لتُكمِل ولاية والدها حتى العام 1964.
ما أبعد اليوم عن الأمس، من مرشَّحة واحدة عام 1953، ومن فائزة واحدة عام 1963، عبر انتخابات فرعية، إلى 111 مرشَّحة عام 2018. تطورٌ مهمٌ، لكن العبرة في عدد اللواتي سيصلن إلى الندوة البرلمانية، خصوصاً أنَّ نسبة النساء اللواتي يحقُّ لهن الإقتراع تبلغ 53 في المئة من عدد المقترعين، أي أكثر من النصف، فيما الترشيحات هي أكثر بقليل من عشرة في المئة من عدد المرشحين.
هذا الجهد يتحقق من دون بنود في القانون تحميه، فليس في القانون الحالي ما يحدد الكوتا النسائية، لا ترشُّحاً ولا انتخاباً، على رغم أنَّ مشاريع القوانين كانت لحظت حضوراً للمرأة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، رفعت لجنة فؤاد بطرس نصّ مشروع قانون الإنتخاب إلى الحكومة عام 2006، ويتضمّن هذا النصّ طلب ٣٠% كوتا للنساء على لوائح الترشيح لانتخابات مجلس النواب.
وكما في النيابة كذلك في البلدية، فقد نصّ المشروع الذي أحالته الحكومة إلى مجلس النواب عام 2010 على حجز ٢٠% من المقاعد في المجالس البلدية للنساء.
لكن للأسف، لا مشروع لجنة فؤاد بطرس ولا مشروع الكوتا النسائية للبلديات سلكا طريقهما إلى لجان ومناقشات مجلس النواب.
المرشحات يملكن هامش التحرك أكثر من الرجال، لأنَّ معظمهن مرشحات مستقلات تبلغ النسبة نحو 80 في المئة فيما 20 في المئة فقط ينتمين إلى أحزاب وتيارات وحركات.
من خلال كل هذه الداتا وهذه المعطيات والمعلومات الآنفة الذِكر، لم يعد هناك من ذريعة للمرأة كي لا تأخذ دورها، الدستور يكفل هذا الدور، ونسبة الناخبات تتجاوز الخمسين في المئة. والمرشحات من فئات اختصاصية يحتاج إليها البلد، من صحافيات، إلى عضوات في مجالس بلدية،إلى محاضرات في الجامعات. هذا كله يكفي وما على النساء سوى الإنخراط جدياً في الإنتخابات، فبعد الترشُّح الكثيف يُفتَرض أن يأتي الإقتراع الكثيف، وفي حال لم يحصل هذا الأمر فلا حجة للنساء لزيادة منسوب الإحتجاجات والإعتراضات.
التغيير في متناول اليد، وفي صندوقة الإقتراع، فلماذا التردد؟