Site icon IMLebanon

حق المرأة اللبنانية بالجنسية «وحيداً»

لم تكن حقوق المرأة اللبنانية لتكون «عارية» كما بدت أمس في الإعتصامات التي نظمت بـ «الجملة» على «ضفاف» المجلس النيابي المنعقد تحت عنوان «تشريع الضرورة»، وبينها اعتصام لحملة «جنسيتي كرامتي»، أمام مبنى جريدة «النهار».

هناك، في شارع بلدية بيروت، حضرت مجموعات مدنية وحزبية مختلفة، كل منها يرفع شعاراته ومطالبه. نسخة واقعية عما آل إليه الحراك الأخير على ما يبدو. كل مجموعة لا تتخطى العشرين شخصاً، فيما بدا حزبيو «الكتائب» الأكثر تجهزاً واستعداداً بمكبرات الصوت والأعلام والانضباط. صحا مناصرو أحد أحزاب السلطة ليتظاهروا ضدها، ولكن ضمن التقسيمات «الميثاقية» عينها: «الدستور مش ممسحة»، قالوا، ليطالبوا بعدم التشريع، أي تشريع، قبل انتخاب رئيس للجمهورية.

وهناك تقاسمت المجموعات المساحة المسموح لهم فيها الاقتراب من «القلعة التشريعية» الممنوعة على الشعب، على قطر لا يقل عن 300 متر «خط نار». حتى حقهم بالتظاهر أمام مجلس النواب لم يجمعهم. وهناك لم يبد أي منهم معنياً بمطلب إعادة حق المرأة بمنح جنسيتها لأسرتها. كان ناشطو حملة «جنسيتي كرامتي» مع بعض النساء وأولادهن، وحدهم أمام مبنى «النهار»، وهم بالكاد يتجاوزون العشرين شخصاً.

أليس حق المرأة اللبنانية بمنح جنسيتها لأسرتها قضية حقوقية ومدنية بامتياز؟ ولماذا لم يتبنَّها الحراك على سبيل المثال؟ وخصوصاً على خلفية زجّها مؤخراً في المهاترات السياسية على خلفية طرح اقتراح قانون استعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني منذ العام 1921. وأين المنظمات الحقوقية النسوية في البلاد؟ أين أكثر من مئتي جمعية نسائية يضمها المجلس النسائي؟ عدا تلك التي تعمل خارجه، وأين المنظمات المدنية والحقوقية الأخرى؟

يصح القول إن قضية حق المرأة اللبنانية بمنح جنسيتها لأسرتها، لم تتحول إلى قضية رأي عام كما قضية حماية النساء من العنف الأسري. وبالرغم من أن العنف، على اختلاف أنواعه، موجود فعلياً في معظم البيوت وبين غالبية العائلات، فإن دم النساء ضحايا العنف الأسري لعب دوراً كبيراً في الضغط لتشريع حماية النساء من العنف الأسري. وبغض النظر عن التشويه المتعمد لقانون حماية النساء والأسرة من العنف الأسري.

أما جنسية اللبنانيات، للأسف، فلم تتحول إلى قضية رأي عام لبناني، بالرغم من جهود حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي» والنساء المنضويات تحت لوائها، وكذلك بعض أنشطة اللقاء الوطني للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة. ما زال جزء كبير من المجتمع اللبناني يعتبر أن هذا الحق ليس عاماً وبديهياً كما بقية الحقوق. يعتبرونه مطلباً خاصاً بالنساء المتزوجات من أجانب وعائلاتهن.

ولم يكن ينقص قضية حق المرأة بمنح جنسيتها لأسرتها سوى «جهابذة» القانون في اللجنة الوزارية التي تشكلت في العام 2012 لدراسة الملف بعد طرحه للمرة الأولى على طاولة مجلس الوزراء.

يومها انحلت عقدة نقص الإحصاءات في الدولة اللبنانية وخرجت اللجنة إلى المجتمع اللبناني الذي تعاني فئاته من «فوبيا» الخلل الديموغرافي، بأرقام وصفتها بـ «المخيفة» لعدد اللبنانيات المتزوجات من أجانب واللواتي يصلن مع أبنائهن إلى نحو 300 الف شخص، بينهم نحو 4000 فلسطيني، ناسين ان مرسوم تجنيس العام 1994 الذي توافقت عليه الطوائف، منح الجنسية اللبنانية إلى مئتي الف شخص طعنت بأهليتهم «الرابطة المارونية» وما زال وضعهم معلقا حتى اليوم. ويومها، تلطت اللجنة برد المجلس الدستوري للطعن بحرمان الفلسطيني من حق التملك في لبنان، مفسراً الدستور بما يخدم ما أسموه «المصلحة العليا للوطن».

حينها، خلصت اللجنة عينها إلى أنه «لا حق للمرأة اللبنانية بمنح جنسيتها لا لأولادها ولا لزوجها، فمن شأن ذلك الإضرار بالتوازن الطائفي الديموغرافي في البلاد، وبالمصلحة العليا للوطن».

وتزامناً مع جلسة مجلس النواب واعتصام «جنسيتي كرامتي»، أصدرت الهيئات النسائية والمدنية من أجل إلغاء التمييز ضد المرأة في قانون الجنسية بياناً سألت فيه عن حق المرأة اللبنانية بالزواج بمن تريد من دون المس بحقوقها البديهية. وسألت «هل على اللبنانيات وحدهنّ دفع الأثمان السياسية؟ أليست النساء غير اللبنانيات اللواتي يتزوجن من لبنانيين عنصراً من عناصر التثقيل في المعادلات السياسية؟».

وفندت حملة «جنسيتي كرامتي» في بيانها الأسباب الواهية لحرمان المرأة من حقها بالجنسية، لتؤكد أنها لن تتوقف «عن المطالبة والمناضلة به».