IMLebanon

عجائب الدنيا… ثمان  

 

 

منذُ طفولتنا نسمع عن عجائب الدنيا السبع، وهي تلك الآثار العالمية الرائعة، بعضها لا يزال ماثِلاً في الوجود، وبعضها الآخر إندثَر ولم تبقَ سوى الأسطورة التي تُروى عنه. وهي، من باب التذكير: هرم الجيزة، حدائق بابل المعلّقة، تمثال زوس في أولمبيا، معبد أرتميس في أفيسوس، ضريح موسولوس في مدينة هليكارناسوس، تمثال روروس ومنارة الإسكندرية.

 

وأما العجيبة الثامنة التي اكتشفناها فهي بعيدة عن الإبداع الفني الذي يشهد له التاريخ كحضارات بقيت صامدة على مرّ الأزمان، وهي تتمثّل في النظام السياسي اللبناني الذي لا مثيل له قبل التاريخ المعروف وفيه وبعده. إنه أعجوبة الأعاجيب وبدعة البدع. فلنسترجع بعض مواقع «الفرادة» والأعجوبة فيه على سبيل المثال لا الحصر:

 

أولاً- أي بلد في العالم يملك «ميّزة» تقليد و»عرف» عدم تشكيل حكومة إلا بشقّ النفس؟

 

ثانياً- ويعجز عن تفسير حاسم للنص الدستوري حول التوافق بين الرئيس المكلّف ورئيس الجمهورية في: أين تبتدئ صلاحيات هذا وذاك وأين تنتهي؟

 

ثالثاً- وفي المقابل هناك حكومة تصريف أعمال ولا تُصرّفها؟

 

رابعاً- وعنده وزارات مُطوَّبة بأسماء المذاهب، حتى إذا طُرِح تداولها أُقيمَت الدنيا ولم تُقعَد؟

 

خامساً- وعنده إدارات عامة مُكرَّسة، هي أيضاً بأسماء المذاهب؟

 

سادساً- ولديه حشدٌ من الأجهزة الأمنية هي أيضاً وأيضاً «ملك» المذاهب؟ بل إنّ كلّ منها محسوب على أحد الرؤساء؟

 

سابعاً- أي بلد في العالم رئيس جمهوريته هو القائد الأعلى للقوات المسلّحة، ولكنه لا يملك حق الأمرة عليها، وهو يترأس مجلس الوزراء ولكنه ليس برئيسه ولا يملك حق التصويت فيه؟

 

ثامناً- وأين هو البلد الذي تتقاسم فيه الأحزاب والمرجعيات المواقع القيادية في القضاء؟

 

تاسعاً- وأي من بلدان العالم تتحوّل فيه المنافسة السياسية إلى عداوة وأحقاد وضغائن؟

 

عاشراً- أيها من البلدن الذي يقول جميع من فيه أنه يغرق في الفساد المعشِّش والمُستشري من دون حدود، ولا يوجد فاسد واحد في السجن؟

 

حادي عشر- وما هو البلد الذي يتلقّى قياديوه الرسميون وغير الرسميين كمّاً هائلاً من الإهانات والتأنيب من كبار العالم وصغاره، ممن هم في الفاعلية والذين ليسوا في العير ولا في النفير، ومع ذلك يبقون في مواقعهم ومراكزهم وكأنّ الإهانات والبهدلات هي رشّ العطور ونثر الزهور فوق رؤوسهم؟

 

وبعد، إذا كانت هذه الأعجوبة تعجبهم، فلا بأس. أما إذا كانوا يُريدون فعلاً وطناً، فأمامهم حلّ واحد: دولة مدنية من رأسها إلى أخمص قدمَيها وبأحوال شخصية موحّدة… وعندئذٍ ألغوا الطائفية السياسية.

 

وإلا كفاكم كذباً ونفاقاً.