IMLebanon

لبنان ليس وطناً بل كانتونات طائفيّة

 

 

يمتاز لبنان عن كل الدول العربية باستثناء العراق، بأنه الدولة الشبه الوحيدة التي تمارس فيها الانتخابات النيابية، وصاحبة نظام ديموقراطي، وانتخاب المجلس النيابي يتم بصورة شبه ديموقراطية بنسبة %90.

 

أما حرية الاعلام فيه ، فواسعة جدا والانتقادات تشمل الجميع وتتناوال كبار المسؤولين على أعلى المستويات، وإقرار قانون محاكمة المطبوعات كان إنجازا كبيرا للصحافيين.

 

أما خطوط التواصل الاجتماعي فاجتازت كل الحريات، وبالنسبة للاقتصاد فالاقتصاد اللبناني حر وله ضماناته وقواعده.

 

فما الذي يجعل من لبنان الوطن أنه غير وطن؟ الجواب هو أن لبنان مجموعة كانتونات ودويلات طائفية، ولا يمكن أن يتقدّم من دون الغاء الطائفية على الأقل سياسيا كما نص دستور الطائف الذي عارضناه ونعارضه حتى الآن، رغم اعتراف العماد عون به وخضوعه له، وهو الذي بقي حتى آخر لحظة في قصر بعبدا وحصلت الحرب ولم يوقع على دستور الطائف، الى أن أقسم اليمين بعد انتخابه رئيسا للجمهورية بالحفاظ على دستور الطائف.

 

لولا الهجرة من لبنان الى الخارج، وبخاصة الشبان والصبايا، لكانت حصلت ثورة كبرى اجتاحت كل شيء وقامت بتغيير النظام الطائفي، لكن في كل مرة تجتمع فئة من الشعب اللبناني تنادي بإلغاء الطائفية، تقوم فئة المنظومة الفاسدة خوفا على مصالحها، من تحويل الثورة الى ثورة ضد الطائفية، فتتحول الى ثورة طائفية ومذهبية.

 

في عهد بشارة الخوري لم يكن هناك طائفية، وعهد فؤاد شهاب لم يكن فيه طائفية، والفترة التي امتدت من انشاء لبنان منذ عام 1920 حتى عام 1964 عاش لبنان من دون مرض الطائفية، وتقدم كثيرا حتى أصبح من أشهر دول الشرق الأوسط على صعيد الديموقراطية، في حين لم نكن نشهد في الدول العربية كلها الا انقلابات عسكرية تطيح الأنظمة نظاما تلو نظام.

 

لن يتقدم لبنان لسببين: أولا لأن النظام طائفي، والثاني هو عدم وجود ضمير عند المسؤولين ممن حكموا لبنان وليسوا كلهم، بل بنسبة %70 فاسدون.

 

حصل تغيير في انتخاب المجلس النيابي الجديد، ودخل اليه نواب تغييريون، لكنهم لا يملكون برنامجا كاملا أو واضحا عن التغيير الذي يريدونه.

 

لكن الفارق السياسي الذي حصل هو مجرد دخول نواب تغييريين الى المجلس النيابي، خصوصا ممن ينادون بالمجتمع المدني وبضرب الفساد، وكلهم لهم تاريخ نظيف وأصحاب ضمير، وانتخبهم الشعب اللبناني وخرقوا أكبر لوائح وزعامات طائفية كبرى حتى وصلوا الى قبة المجلس النيابي، ونراهن عليهم بأن يكونوا تغييريين بكل معنى الكلمة.

 

وانتخاب التغييريين هو إشارة هامة جدا وبداية في الانتخابات المقبلة لكي ينتخب الشعب اللبناني مزيدا من نواب التغيير، وعندئذ يبدأ الإصلاح فعليا.

 

ان لبنان ليس وطنا، بل نطاق ضمان للفكر الحر، ويمتاز بتاريخه الطويل عن كل الدول العربية بأنه ديموقراطي، فيما بقية الدول ما عدا العراق تقريبا تعيش دكتاتورية قاتلة لأرواح شعوبها ومثل الغنم يقودونهم. هذا عدا السجون المملوءة في الدول العربية حيث التعذيب. أما لبنان فغير ذلك.

 

كي يحصل تقدم في لبنان يجب الغاء الطائفية السياسية أولا، والغاؤها نهائيا لاحقاً.

 

كما يحتاج لبنان الى انتخاب مجلس الشيوخ الذي نص عليه دستور الطائف، ولم يتم تنفيذ هذا القرار الدستوري المهم جدا.

 

نقول للشعب اللبناني انتفض، ولا تقبل بعد اليوم فسادا، ولا تقبل بعد اليوم قضاء مرتهناً، بل طالب بقضاء مستقل يجعل العدالة في لبنان أساسا لتعاطي الناس بين بعضهم بعضا ولعلاقة الدولة مع المواطنين.