IMLebanon

حيّدوا لبنان

 

من حق اللبنانيين أن يقلقوا. فاغتيال قاسم سليماني حدثٌ جلل. الرجل الثاني في النظام الايراني لم يرتقِ كضابط عادي، ولا انتظم في مدارج الدولة كسياسي محترف. صعد بثقة المرشد وأجهزة الأمن وبالدور الاستثنائي الذي آلت الثورة الخمينية على نفسها أن تؤديه: تصدير الثورة وتحريك الهواجس وتعديل التوازنات وإقلاق العواصم، ومواجهة أعتى قوة يقودها “الشيطان الأكبر”.

 

من حق اللبنانيين أن يقلقوا. “حزب الله” لا يخفي ولاءه للمرشد، بل يفتخر بكونه جاهزاً لتنفيذ إرادة الولي الفقيه. ولقائد “فيلق القدس” أياد بيضاء على “الحزب” تنظيماً وتدريباً وتجهيزاً وتخطيطاً، بل مشاركة ميدانية في معارك تموز 2006، وفق ما قاله مباشرة قبل مدّة.

 

من حق اللبنانيين أن يقلقوا. “الحزب” الذي يدرس خطواته ويتأنى في خياراته، جزءٌ لا يتجزأ من منظومة الممانعة والذراعُ الفاعل بل الأقوى بين الأذرع التي تمتلكها طهران وتتفاعل معها.

 

و”الحزب” الذي يمارس العمل العسكري والأمني والسياسي باتجاهات مختلفة ويتفرع دوره أحياناً من لبنان الى سوريا واليمن، لا يمكنه أن يقف مكتوف اليدين أمام ضربة صاعقة أصابت عصب النظام الإيراني وأهم أركان مشروعها الذي يمر في وقت عصيب. هيبته جزء من هيبة “الجمهورية الاسلامية”، وقوته من قوتها، وتمويله من مالها، وأهدافه بعض أهدافها. فماذا لو احتاجت أن يعضدها في الليلة الظلماء التي أسدلها عليها ترامب عبر غارة بغداد، قالباً قواعد اللعبة من تبادل الرسائل بالواسطة الى المواجهة المباشرة؟

 

ليس “حزب الله” من هواة المغامرات، وهو يعلم أن أيّ مهمة يندفع إليها في لبنان مكلفة وذات تداعيات. الداخل اللبناني غير مهيّأ لمعركة سياسية مفتوحة ضد الأميركيين ولا لفتح جبهات، خصوصاً في ظلّ الأزمة السياسية والاقتصادية الخانقة، إضافةً الى وجود معارضةٍ سياسية وشعبية واسعة لأيّ تورط للبلاد في شأنٍ اقليمي ودولي خطير. فلا الغارة الأميركية حصلت في لبنان، وليس اللبنانيون جزءاً من الحساب المفتوح بين واشنطن وطهران، اللتين قد تذهبان الى الحرب أو تجرّهما الغارة إلى مائدة المفاوضات.

 

أفضل ما يخدم “حزب الله” اللبنانيين به هو النأيُ بهم عن صراعٍ سيتسبّب، إن انفجر، بحرائق لا يحتمل شراراتها الوطن العليل. و”الحزب” مدركٌ حتماً مخاطر أيّ منزلق لا مصلحة للبنان بأن يُساق إليه.