يؤكد الواقع اليومي اللبناني الميؤوس منه أنّ حال البلد كـ»مرضٍ مستعصٍ»، وأنّ أمام مسؤولين «بلا إحساس» وبلا ضمير أيضاً يصرّون على إغراق الشعب اللبناني في مستنقع اليأس والإحباط، وأنّهم يمارسون أكبر عملية خداعٍ واحتيال في تاريخ لبنان وشعبه بادّعاء أنّهم فعلاً مسؤولين، وأنّهم يتحمّلون مسؤوليات هذا البلد ويضعون مصالح شعبه فوق وقبل الجميع.
علينا الإعتراف بأن البلد عالقٌ في نفق مسدود لا منفذ له وأنّ الحصار والخناق يضيق على اللبنانيين، الذين استكانوا لقرار صامت بوأد الثورة، فتراجع وهج غضبهم حدّ الإنطفاء، ولا يلام اللبنانيّون على هذا الانخذال فثورة مئة يوم أسفرت عن حكومة حسان دياب، فما الذي يدعو إلى التفاؤل مع هكذا نتيجة؟ حكومة «خُشُبٍ مُسنّدة» بالكاد نسمع صوتاً يصدر عن رئيسها أو وزرائها، على الرّغم من الكوارث الكبرى التي تنتظر البلاد، آخرها عجز هذه الحكومة عن حماية شعبها من وباء يضرب العالم لأنّ حزب الله يسيطر على المعبر الجوي عبر المطار في وقت لم يتجرّأ فيه رئيس الحكومة على عقد مؤتمر صحافي مع الوزراء المعنيين ليعلنوا عن إجراءات حماية تتخذها حكومته للحؤول دون تفشّي وباء كورونا في البلاد، بالطبع لن يتجرّأ رئيس الحكومة على إصدار صوت في وجه الاحتلال الإيراني الناعم والخشن الذي أتى به رئيس حكومة شكلياً على عيون الدول والحكومات سعياً وراء مساعدات ما يزال حزب الله وفريق الممانعة يظنّون أنّهم قادرون على خداع العالم للحصول عليها!
تتصاعد وتيرة معايشة لبنان مواجهة حقيقيّة ومستمرّة لمحاولات السيطرة الإيرانية التي لا تكلّ ولا تملّ من عزمها على إحكام السيطرة عليه عبر حزب الله ذراعها العسكري فيه، تجربة فرض استمرار الرحلات الجوية بين لبنان وإيران تؤكّد أنّ لبنان بات بالفعل في القبضة الإيرانية وقٌضي الأمر!!
لم تعد النّاس تحتمل هذه المهازل والاستهتار والعيش على هذا المنوال من القلق ومن المؤسف أنّ كلّ محاولات الطمأنة تنهار على رؤوس مروّجيها الّذين يعدوننا بحلول ثمّ نجدهم «يقبّرون» يعجز هؤلاء حتى عن تسكين مخاوف جديّة تعصف بأذهان اللبنانيّين.. منذ العام 2005 ووضع اللبنانيّين ينحدر بثبات وقوّة بفعل الأزمات التي توالت على لبنان وعليهم حتّى أوصلتهم سياسة الحكومات المتعاقبة والفرقاء السياسيّين المتعنّتين إلى هذا الحال المخيف اليوم، والذي يبدو أنه لا مفرّ لهم من عيشه وهم صاغرون!
هذا الذلّ الذي يطارد اللبنانيين في مشاهدهم طوابير أمام أفران الخبز وأمام محطات البنزين وعند كونتوارات شراء بطاقات السفر في المطار وعلى كونتوارات المصارف التي نهبت أموالهم، كأنّهم لم يشبعوا منه، إذا لم يخف الإنسان على صحته وصحة أولاده من وباء يضرب العالم ـ بصرف النظر عن رضوخه للتلوث في هوائه ومياهه ولقمته ـ فعلى ماذا سيخاف؟!
يشهد اللبنانيّون كلّ يوم مشاهد ـ فضيحة وبازارات مزايدات مسعورة لا تجد من يوقفه، من المؤسف أن واقعنا يفضح حقيقة أن لا حكومة في البلد، مجرّد خيالات صحرا تمّ تنصيبها حتى لا تتساءل الدول وتضغط في مواجهة الفراغ السياسي، ألسنا نعيش حالة فراغ سياسي على المستوى الحكومي لم يشهد لبنان مثيلاً لها في هذه الظروف المأساوية التي تضرب البلاد؟! كل ما يحدث حولنا يؤكد أنّنا نحن أيضاً شعب بلا إحساس!!
ميرڤت السيوفي