IMLebanon

اللهم نجّ لبنان !!

يأخذني العجب والدهشة وأنا أفكر بردّة فعل جماعة تيار المستقبل وفريق 14 آذار، حِيال سُخط آل سعود على اللبنانيين ومعاقبتهم وإنذارهم بأنّ العقاب سيزداد شدّة تدريجياً، طالما أنّ صاحب الجلالة والوليّ ووليّه لم يقتنعوا بأنّ اعتذار اللبنانيين حقيقيّ وتوبتهم صادقة، وطاعتهم عمياء!

مجمل القول، إنّ أعضاء في المجلس النيابي اللبناني، وأخرون في مجلس الوزراء، تبرّأوا من سلوك وزير انسجاماً مع ما تفرضه مفهومية المؤسسة الدستورية في الدولة الوطنية، فأظهروا ما يشبه الإنكار للأمة وللوطن طلباً للنجاة بأنفسهم من غضب آل سعود وللصفح عن أشخاصهم. بمعنى آخر، اعترفوا علناً، مرّة في عقر دارهم في مركز تيار المستقبل، ومرّة ثانية عند بوابة سفارة آل سعود في بيروت، بأنّهم المرتهنون لأمر الأخيرين.

تتوجّب الإشارة في هذا السياق إلى أنّ السكوت عن ترحيل بعض المهاجرين اللبنانيين عن نجد والحجاز، وعن الدول الخليجية الأخرى، يُعتبر بحسب المعيار الوطني اللبناني سلوكاً أخلاقياً سيّئاً فضلاً، عن أنّه إهمال للواجب الوطني. إذ من العار أن يضع نوّاب ووزراء لبنانيون أنفسهم في خدمة آل سعود من أجل محاربة حزب الله في لبنان وفي سوريا، بحجّة أنّ مقاتليه من الشيعة. فهل يرضى هؤلاء النوّاب والوزراء أن يُعامل المواطنون اللبنانيون الشيعة، كما يُعامل الشيعة في نجد والحجاز؟ في السياق نفسه، يعرف اللبنانيون أنّ المهاجر ليس داعية دينية وليس ناشطاً سياسياً، وإنّما هو في الأصل طالب علم أو باحث عن مصدر رزق!

من البديهي أنّ آل سعود وضعوا شروطاً على الحكومة اللبنانية مقابل إبرام صفقة شراء سلاح للجيش من فرنسا. تتوجّب الملاحظة هنا إلى أنّ رئيس الجمهورية السابق لعب دوراً بارزاً، وتحديداً مثل «كلّ» الدولة اللبنانية في تسلّم «المكرمة» من آل سعود. لو كان هذا الرئيس من خارج فريق 14 آذار، كمثل الرئيس الأسبق، لما استطاع ذلك. هذا للتذكير فقط، فقد تنفع الذكرى في فهم العوامل التي أدّت إلى تراكم النفايات في الشوارع، وإلى البكاء والنحيب عند بوّابة سفارة طويل العمر، بالتالي إلى فشل الدولة.

من نافلة القول، إنّ آل سعود يعرفون جيداً أنّ أعضاء جماعة 14 آذار يكنّون لهم التقدير والوفاء. بتعبيرٍ آخر، أن عرائضهم ومدائحهم لآل سعود، ليست كافية، بل ليست هي ما يبتغيه آل سعود. لقد أفصح سفيرهم في بيروت عن رأيه في هذا الشأن. ما يريدونه في الواقع هو أخذ «البيعة» لهم من خارج 14 أذار. أعتقد أنّ هذا هو مغزى القول إنّه كان على الرئيس نبيه برّي أن يذهب إلى الرياض بدل الذهاب إلى بروكسل!

لا أبالغ في الكلام أنّ عين آل سعود على سورية. هم ليسوا وحدهم كما قال الأستاذ محمد حسنين هيكل قبل وفاته. الإسرائيليون والأتراك وقوى الاستعمار القديم والحديث عيونهم جميعاً، بحسب المرحوم هيكل، على الهلال الخصيب وقلبه سورية.

ينبني عليه، أنّه من المرجّح أن تكون غاية آل سعود هي العبور إلى سورية من لبنان، إذا صحَّ هذا التشخيص، جاز لنا أن نتساءل عن الوسائل والأساليب التي يمكنهم استخدامها في «عملية العبور» هذه. بكلامٍ صريح، يتطلّب مشروعهم العبور على المقاومة التي يقودها حزب الله.

تأسيسا عليه، يمكننا القول من دون مجازفة كبيرة، إنّ عدو آل سعود في لبنان هو حزب الله. يستتبع ذلك أنّه يلزم آل سعود قوات عسكرية في لبنان، قادرة بعديدها وعتادها على مواجهة حزب الله. من المحتمل أن يكون هذا مجرّد فرضية، أتمنى أن يثبت خطأها وعدم واقعيّتها. ولكن إذا ثبت العكس فإنّ البيئة التي يأمل آل سعود بتجييشها، هي مخيمات اللاجئيين الفلسطينيين والسوريين.. اللهم نجِّ لبنان !.