IMLebanon

لبنان عربيٌّ لا إيرانيٌّ ولا شيوعيٌّ  

 

 

كل المحاولات التي تقوم بها إيران، بواسطة الحزب الإلهي في لبنان وبندقيته التي لم يستعملها منذ ٢٠ سنة لتحرير الأراضي اللبنانية المختلف عليها إذا كانت لبنانية أم انها فلسطينية أم سورية، وهنا نعني مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

 

ولو كانت سوريا لا تريد إبقاء وضع يدها على لبنان بغباء، لأنّ الداهية المرحوم الرئيس حافظ الأسد لم يعد موجوداً ليفرمل الايرانيين، ويضعهم عند حدودهم لأنّ الرئيس الغبي الذي تسبب بقتل أكثر من مليون مواطن سوري وتهجير ١٤ مليوناً، وتدمير نصف سوريا وأصبحت بحاجة الى ٥٠٠ مليار دولار لإعادتها كما كانت لا يعرف كيف يحكم سوريا، إذ وقعت سوريا بفضل غبائه، بأيدي الايرانيين والروس والأميركيين وطبعا الأتراك.

 

لبنان عصيٌّ على أن يحكمه أي فريق حتى بوجود رئيس طامح لتوريث صهره، فهذا لن يكون كافياً لكي يضع يده على لبنان.

 

لبنان بلد سيّد حر مستقل، نظامه ديموقراطي، لذا لن يتمكن أحد من أن يحكمه، ولنا دلائل على ذلك منذ زمن ولن نعود الى التاريخ الذي يثبت أيضاً ما نقول.

 

فلنبدأ بالفلسطيني، وليس بعيداً، أي منذ «اتفاق القاهرة» عام ١٩٦٩ الذي وافق اللبنانيون عليه وتخلّت الدولة فيه عن جزء من سيادتها، فماذا حدث؟

 

بدأت المقاومة الفلسطينية بالقيام بأعمال فدائية على الحدود، مع فلسطين المحتلة وطبعاً كانت إسرائيل ترد على المقاومة بشن غارات جوية، حتى وصل الأمر الى حرق طائرات في مطار بيروت.

 

الموضوع الفلسطيني كان موضوعاً خلافياً بين اللبنانيين، إذ أنّ المسيحيين كانوا ضدّه، والمسلمون كانوا معه، حتى وصلت الأمور الى حرب أهلية، بدأت بـ»بوسطة» عين الرمانة في نيسان ١٩٧٥ والتي كانت بداية الحرب الأهلية.

 

بقيت الحال هكذا، والبلاد الى مزيد من الانقسام، بالرغم من أنه في العام ١٩٧٥ عقد في الرياض إجتماع قمة عربية من أجل إيجاد حل سلمي، في لبنان فتقرر في «قمة الرياض» إرسال الجيوش العربية باسم «قوات الردع العربية»، كي تحلّ المشاكل ويفضّ الإشتباكات بين اللبنانيين والفلسطينيين.

 

بقيت البلاد مقسّمة بالرغم من دخول «قوات الردع العربية»، التي تحوّلت في ما بعد أي بعد سنتين، الى قوات سورية فقط، إذ انسحبت جميع القوات المشاركة، ولكن بقي رئيس قوات الردع العربية المرحوم اللواء سامي الخطيب اللبناني الوحيد يترأسها.

 

في شباط من العام ١٩٨٢صدرت الصحف اللبنانية وعلى الصفحة الأولى، «مانشيت» إجتياح إسرائيلي يصل الى مشارف بيروت، وأتذكر أيضاً صورة المرحوم الرئيس شفيق الوزان يستقبل محمد غانم مدير المخابرات العسكرية السورية في ذلك الوقت.

 

طبعاً الإجتياح الاسرائيلي للبنان وحصار مدينة بيروت لمدة ١٠٠ يوم، كانت هي المرة الأولى التي تجتاح إسرائيل وتحتل أول عاصمة عربية وهي بيروت.

 

نقول هذا الكلام لنؤكد نظرية أنّ لبنان عصي على من يريد التحكم فيه، أي لا أحد يستطيع أن يحكم لبنان بالقوة.

 

هذا المثل الأول، أما المثل الثاني، فالسؤال من كان يظن في يوم من الأيام أنّ سوريا ستنسحب من لبنان؟ طبعاً لا أحد كان يتصوّر أنّ سوريا سوف تنسحب من لبنان بعد ٢٥ سنة من حكم حافظ الأسد أي من عام ١٩٧٥ يوم دخول القوات السورية الى عام ٢٠٠٠ يوم وفاة حافظ الأسد، كانت سوريا تحكم لبنان بشكل كامل، إذ لا يمكن أن ينتخب رئيس للبلاد إلاّ بموافقة سورية… ولا يمكن أن ينتخب رئيس للمجلس النيابي إلاّ بموافقة سورية، ولا يمكن أن يأتي رئيس للحكومة، إلاّ بموافقة سورية… وطبعاً وصلت الأمور الى أنّ تعيين حاجب في الدولة اللبنانية يحتاج الى موافقة سورية.

 

بقيت هذه الحال منذ عام ١٩٧٥ الى يوم اغتيال شهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري، ولولا هذه الجريمة لبقيت سوريا، مدة أطول، ولكن لنتذكر سنة ٢٠٠٤ يوم صدر القرار ١٥٥٩ في الصيف الذي ينص على انسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان، يومها ذهب الشهيد قبل صدور القرار وأعلم الرئيس الغبي بالقرار الذي علم به الرئيس الشهيد قبل صدوره، عن طريق سفيرتنا في أميركا في اليوم الذي كانت المستشارة الإعلامية للشؤون الدولية أمل المولى عرفت من زملائها الصحافيين حيث كانت تعمل مندوبة لجريدة «النهار» في الأمم المتحدة في نيويورك، كانت جواب الرئيس الغبي، ان الشهيد هو الذي يتحمّل مسؤولية، وعليه أن يحلها مع الاميركيين… فعلاً استطاع الشهيد الرئيس الحريري، وبحكم علاقته مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك، أن يخفف من القرار، حتى لا يكون تحت بند الفصْل السادس، أي أن لا يكون التنفيذ بالقوة.

 

ورغم هذه الخدمة الكبيرة، التي قدمها الرئيس الشهيد لسوريا، لم يقدّر الرئيس الغبي هذا الجميل، وتصرّف كما يتصرّف الأغبياء… دخل مع المحور الداعم للمقاومة والممانعة في عملية اغتيال شهيد لبنان الرئيس الحريري… وهنا نتذكر أنه يوم صدور القرار أعلن نائب الرئيس السوري فاروق الشرع أنّ سوريا ليست لها علاقة بالموضوع بينما صرّح أحد الأبواق انه على حذائه أي قرار من الأمم المتحدة، بعد ٣ أشهر تراجع نائب الرئيس السوري قائلاً: إذا طلبت منا الدولة اللبنانية أن ننسحب فسوف ننسحب، ولكن بعد اغتيال شهيد لبنان الرئيس الحريري أعلن الرئيس الغبي أنّ القوات السورية سوف تنفذ القرار ١٥٥٩ وتنسحب قبل نهاية شهر نيسان.

 

وهكذا، ورغم المؤشرات أنّ سوريا لن تنسحب من لبنان، انسحبت وهذا يؤكد أنه لا توجد قوة في العالم تستطيع أن تبقى في الحكم في لبنان ضد إرادة الشعب اللبناني.

 

كل هذا الكلام نقوله ليكون درساً للذين يظنون أنهم بقوة السلاح يستطيعون أن يضعوا يدهم، ويحكموا لبنان، عليهم أن يتعلموا من التاريخ درساً هو أنّ لبنان عصي على التطويع من أي فئة أو أي قوة مسلحة لبنانية ولا يحكم إلاّ من أهله بالاتفاق والتوافق بينهم..