Site icon IMLebanon

وقف الله  

 

 

اعتاد الناس، في الملمّات، اللجوء إلى الغيبيات، فيتداخل الواقع بالخيال، والحقيقة بالخرافة، والدين بالأسطورة. وتبقى حقيقة ثابتة أن الأزمات ليست أقداراً، إنما هي نتيجة ما صنعته الأيادي سواء أفي الحاضر أم في تعاقب الأزمنة والأجيال والعقود والسنين.

 

في هذا السياق، يلفت الإصرار على أن لبنان سيقوم. وإني أقدّر وأحترم وأؤمن بهكذا تفاؤل. كيف؟ ليس مهماً. المهم أن هذا الوطن هو «وقف الله». ولقد استمعنا مراراً، خصوصاً في الآونة الأخيرة، إلى السيد البطريرك بشارة الراعي وغير رجل دين، يقتبسون ما ورد في الكتاب المقدّس – العهد القديم عن لبنان الذي ذُكر اسمه فيه أكثر من سبعين مرةً، وبالنسبة إلى ما قاله الله مباشرةً إلى النبي موسى وهو تحذيرٌ لا يُقْتَصر عليه بل يشمل سائر بني اسرائيل من بعده، وإعلان الله تعالى أن جبل لبنان هو «وقف الله».

 

وبحسب الآيات، فإن عين النبي موسى كانت على لبنان، بدليل النص الآتي: «ونظر موسى إلى الشمال، نحو جبل لبنان، وقال (بصيغة السؤال) وهذا الجبل؟ أجاب الله وقال: «أخفض عينَيك، هذا الجبل هو وقفٌ لي. لن تطأه قدماك لا أنت ولا الذي سيأتي من بعدك».

 

وفي التفسير لهذا القول – التحذير الإلهي الواضح أن هذه العبارة لا تُقتصر على أتباع موسى وحسب، بل على كل طامعٍ بلبنان.

 

إلا أن التحذير الإلهي يبلغ حد الغضب في نبوءة النبي حبقوق متوجهاً إلى ظالمي لبنان متنبئاً بمصائرهم الرهيبة، فيقول لكلٍ منهم في الكتاب: «لقد شبعتَ خِزياً عوضاً عن المجد، فاشرب أنت أيضاً واكشف غُرلتك، تدور إليك كأس يمين الرب، وقُياء الخِزي على مجدك لأن ظلم لبنان يُغطّيك… لأجل دماء الناس وظلم الأرض والمدينة وجميع الساكنين فيها». (…).

 

ويذهب لاهوتيون كبار، كالأستاذ الجامعي الأب الدكتور كميل مبارك إلى أن لبنان مُصان كونه «وقف الله» وأن هذا الكلام الإلهي يحمي لبنان فلا تقوى عليه الجيوش والفيالق ولا حتى جيوش جهنم.

 

ونحن، المؤمنين، نتساءل عمّا إذا كان هذا التحذير الإلهي الذي وجّهه الله إلى موسى لدرجة منعه من النظر إلى جبل لبنان ونبوءة حبقوق التي تحدد مصائر مَن ظلم لبنان هما وقفٌ على الآخرين أو  أنهما يُطاولان اللبنانيين أنفسهم الذين يُسيئون إلى وطنهم؟ ومن يفسّر الإساءة ويُحددها فيما نحن نختلف على المبدأ والتفصيل؟ فما يراه بعضنا إساءة يراه بعضنا الآخر إنجازاً؟!.

 

إلى ذلك يذهب الخبير في علم الذرة الأب الدكتور يوسف يمين، في مؤلفاته ومحاضراته وندواته، إلى أن لبنان ليس وقف الله وحسب كما في العهد القديم، بل هو أيضاً جنة عدن انطلاقاً من مدينة إهدن. وأن السيد المسيح قد قدّس أرضنا وأقام فيها.

 

فمتى الخلاص!؟.