IMLebanon

«عقولٌ بخواتِم ربِّها»  

 

هل نيأس؟ هل نفقد الأمل؟ هل نرى بمنظارٍ أسود إلى المستقبل؟ هل نشجّع أبناءنا على المزيد من الهجرة والاقتلاع من الجذور؟

 

وفي المقابل هل نتمسّك بحبال الهواء، أو ترانا نكذب على أنفسنا وعلى أجيالنا الطالعة، فنقول: البلد بخير، المستقبل واعد، الآتي أجمل، العتمة ستزول، الشمس ستشرق مجدداً، والفجر سيطلع مُنبثقاً من قلب المأساة، والفرح سيمدّ أفياءه اللطيفة ليُزيل الفجيعة تباعاً، والدموع ستُكفكَف، والبسمة سترتسم ثانيةً على الثغور؟

 

كان في ودّنا أن نتفاءل، وأن نعكِس التفاؤل على مَن حولنا، بل أن ننقل إليهم عدوى أن كلّ شيء سيكون على ما يُرام.

 

وكان في ودّنا أن نتعالى على الجراح. وأن نتناسى الآلام. وأن نُقنع الذات بأنّ الفَرَج سيأتي ولو بأعجوبة من السماء.

 

ولكن ليتنا نستطيع أن نحوّل الكابوس إلى حلمٍ ورديّ. فكيف يكون ذلك والبلد في هاوية ما أن يصل إلى قعرها حتى يهوي إلى ثانية أعمق؟

 

وكيف يكون ذلك، وبالرغم من عمق المأساة وفداحة الفجيعة، والقومُ «كلّ على سلاحه»، فكأنّ زلزال الإنفجار المدمِّر لم يقع؟

 

وكيف يكون ذلك والجميع يراهنون على الإنتخابات الأميركية قبل أن يتزحزحوا عن مواقفهم وتصلّبهم وتعنّتهم خصوصاً في تشكيل الحكومة، وكأنّ الأميركي هو منقذ لفريق وهو العدو لفريق آخر وبالعكس؟

 

وكيف يكون ذلك وكلّ منهم يعتقد أنّ ماكرون الآتي في مطلع أيلول المقبل يحمل شهادة براءة ذمّة له؟

 

وكيف يكون ذلك، ولولا المساعدات الدولية الإنسانية العاجلة والفاعلة، لكان الجوع ضرب مئات الآلاف ولكانت الفاقة أخذتهم إلى أبعد مدى؟

 

وكيف يكون ذلك والعام الدراسي الآتي، بعد أسابيع معدودة غير واضح المعالم؟

 

وكيف يكون ذلك وفيروس كورونا يجتاحنا جرّاء إستلشاقنا بأعزّ ما نملك، صحّتنا، فنخرق الوقاية غير آبهين بأنفسنا وبالآخرين؟

 

وأخيراً وليس آخراً، كيف يكون ذلك وقد عجزت الكارثة، على هولها، عن تغيير ذرّةٍ واحدةٍ في تعاطي الجميع مع بعضهم البعض، سياسيين وأتباعاً، بالأحقاد والضغائن، وفشلت المأساة في فتح كوّة نورٍ ولو بسيطة في وجدانهم (…) وما زلنا نصفّق لهم رغم كلّ شيء ونتبادل أحقر الكلام وأكثره إبتذالاً وسقوطاً في ما بيننا إكراماً لهم؟