البلد المُعذّب مُجمّد! والجمود هو «حركة» إلى الوراء في مقياس الزمن وإن بدا مرواحةً في المكان. إن حركة التاريخ لا تتوقف عند حد، ولا حتى عندنا في لبنان. وعندما تكون القضايا كلّها في الثلاجة، يُطاولها التراكم والعفن. لو شئنا أن نعدد قضايانا المُجمّدة في ذمّة التاريخ، وذمّة المسؤولين السياسيين في السلطة وخارجها، لأسهبنا في التعداد، فالمسلسل «طويل – عريض» بقدر ما أن الهاوية التي ننحدر فيها لا نهاية لقعرها.
هل نبدأ من الفقر الذي «تُبشّرنا» المجموعة الأوروبية والمنظّمات الأممية والهيئات الدولية بأن معظم شعبنا بات تحت خطّه، «والحبل على الجرّار»…
أو نتحدّث عن التراجع المروّع في كل شيء: في الاقتصاد مالاً وتجارةً وصناعةً وسياحةً، وثقافةً واستشفاءً… و… أخلاقاً؟
أو نتناول مسائل النفط والغاز المُحظّر على لبنان أن يُنقب عنهما لاستخراجهما والاستفادة من هذه الثروة الهائلة المدفونة تحت تراب البرّ وما بعد أعماق مياه البحر، وهو في أمسّ الحاجة إليها؟
أو نذكر الفساد المستشري وقد حوّلنا الغارقون فيه والمتنعّمون منه إلى مضرب مثل وهزء وسخرية في العالم قاطبةً، ومن «يرحمنا» يُرثينا ويُشفق علينا من فاسدين استباحوا كل محظّر وحللوا كل محرّم؟
أو نذكر العزلة التي ضُربت على لبنان، فلم يعد له حضورٌ أو كلمة ولا نقول دوراً! فهذا مُفتقدٌ منذ زمن؟
أو نُشير إلى تحوّل شرائح كبيرة من شعبنا نحو بطاقة الإعاشة، هذا الشعب الذي كان عنواناً زاهياً للازدهار؟
أو نذكر العجز عن حل أبسط الملفّات كالكهرباء والنفايات اللتين نغرق في عتمة أولاهما وفي عفن الثانية؟
أو نسأل عن الودائع، وأسعار صرف عملتنا الوطنية إزاء الدولار الأميركي ومسألة طلابنا في الخارج، والصفوف الطويلة أمام السفارات والقنصليات استجداءً لتأشيرة دخول إلى أي بلدٍ، حتى بلدان العالم الثالث؟!. (…)
ماذا فعلتم بلبنان؟!