IMLebanon

من دفتر الوطن «المستورد»: أما حان وقت القيامة؟

 

سقطنا… صرنا في القاع… من يمدّ الحبل إلينا وهو حول أعناقنا

 

سقطنا … وصار الوطن تقاتلاً على المغانم والسبايا والحصص.

 

لماذا يا ترى؟

 

لأنّ اللبناني حاجب «شاطر» يباشر عمله خلف «بابور» من الكاز، يحضّر القهوة، وسرعان ما يتحوّل إلى صاحب يخوتٍ، يحضّر الصفقات ويتأهب للبرلمان.

 

ولأنّ سياساتنا الخارجيّة لم تكن أكثر من تملّق السفراء والقناصل والوقوف على أبوابهم والإنحناء أمامهم حتى تلامس الجبهات الأرض وتقديم التقارير الحافلة بالحسد والفسد والفساد والنق و«قم لأقعد مطرحك» وتقديم أطنان الهدايا من العباءات والنحاسيّات وعلب الصدف وفناجين القهوة وعلب السكاكين والملاعق المطرّزة الجزّينية، وصولاً إلى السيارات المصفحة…ووو…أخجل من المتابعة سرداً لما  يقدّمون للغريب…

 

ولأنّ سياستنا الداخليّة قائمة من وزيرٍ لآخرعلى تعزيز أعداد محاضر الضبط لمصلحة القضاة وحظوة الوشاة وكتبة التقارير وبث الرعب في العلاقات الإنسانية الطبيعية بين المواطنين، وصفقات إشارات السير المطفأة ولوحات السيّارات المميّزة وتغييرها وآلات الإطفاء ودفاتر السيارات ورخص القيادة ومغاور النافعة التي لا تنفع إلاّ محظييها ،

 

ولأنّ الزراعة في وطني ولدت على أيدي الأطباء، فلا زرعنا ولا قطفنا ولا أكلنا سوى البيانات والتصريحات الفارغةوزراعة الحشيشة واستيراد كلّ  شيءٍ حتّى هزأت  منّا نمال الأرض.

 

ولأنّ تاريخ الصحة ولد على أيدي الملاّكين، فاضطرّ اللبناني الى بيع أملاكه وأطفاله وكليتيه وعينيه وقلبه وحيواته المنويّة لأجل تأمين الدواء، وإن وجد هذا الدواء فهو فاسد على الأرجح أو غالي الثمن لصالح الإستشفاء والمستشفيات والأطباء ولخمسة من كبار المحتكرين تحميهم قوانين السرقات يديرها كارتيلات الإحتكار المرعبة أعني أصحاب «الوكالات الحصرية» حيث نجد «رؤساء جمهوريات» للسكر والأرز والطحين والغاز والبترول الخام والبنزين والمازوت والصابون وملاقط غسيل وبسكويت ..ألخ. ويتداخل في تلك الجمهوريات التي تجفّف جيوب اللبنانيين وأرواحهم السياسي المجرم بالتاجر الأكثر إجراماً بالصفقات والأسعار وصولاً إلى الإنخراط بتجارة السلاح وتجذير القومسيونات التي تجتاح الإدارات اللبنانية والعالم…ولأن العشوائية اليوم تأكل اللبنانيين في ما خصّ اللقاح والتلقيح والكورونا بين الخاص والعام…. والمصابون والموتى يركضون نحو القبور…أين أنت يا زميلنا الدكتور حمد..حلّل وناقش وأوضح…

 

ولأنّ الإسكان صار دفتراً لبنانيّاً حافلاً بتهجير المواطنين وفق مادة واحدة هي الإسترادد للهدم التي قوّضت بل كسرت تاريخاً من نضال نائب بيروت العظيم الآدمي والنموذجي فريد جبران رحمه الله، ولأنّ قوانين الإيجارات دمّرت بيروت القديمة بهدف الولوج في حضارة عفواً حقارة تسابق الأبراج والعمارات العالية وسرقة الموازنات الخاصّة بالفقراء والمعوزين ليقتات بها وبالمعوزين النجباء من رؤوساء الوزارات الممقوتين منذ بدأنا نتكلّم بالإسكان.

 

ولأنّ تاريخ الدفاع قام على أيدي صيّادي العصافير في جبال لبنان والبوادي وتوزيع رخص السلاح على الأزلام والكتبة، فلا دافعنا ولا حفظنا أرضنا، وكانت النتيجة أن خرّب الأعداء زرعنا وكرومنا وجنوبنا وكرامتنا وأحرقوا جنوبنا وأهله لولا أن قاتلنا بما بقي من لحومنا وأظافرنا وأطفالنا.

 

ولأنّ الماليّة مدرسة بل جامعة عالمية لا مثيل لها في العالم في أصول النهب وتبرير قوائم المصاريف ونقل الإعتمادات في ميزانيات الدولة وشطب الضرائب وخنق الناس بالضرلئب والديون وفقاً لفنون النهب والإختلاس.

 

ولأنّ الأشغال العامّة لا تتعدّى الشغل ببعضنا البعض وترتيب العاطلين عن العمل في صفوفٍ طويلة جائعة، وحفر الطرقات صباح مساء وتشغيل معامل الإسمنت التي تقتل الناس بالسرطان، وتقديم الزفت هبات للنوائب والأوزار ورؤساء البلديات الذين لم يفعلوا سوى بناء القصور البلدية التي تملأ الأحياء.

 

ولأنّ وزارات الثقافة والتعليم العالي والإعلام تراكم أجيالاً مسلوبة ضحلة الثقافة همّها توزيع الجامعات على حماة قصور السياسيين والمذاهب والطوائف والأزلام والمحاسيب بعدما وزّعت الإذاعات والشاشات والمواقع على الأزلام أيضاً وشاركتهم بكلّ كلمة وإعلان، وهكذا ماتت الإذاعة اللبنانية ومات تلفزيون لبنان بعدما سرقوا أرشيفه، وماتت أو تموت الجامعة اللبنانيّة،

 

ولأنّ الوباء المعروف بالكورونا والمعابر والفقراء وأطفال الحروب والمهجّرين والمعاقين والطلاب والشهداء والجنوب والمهاجرين وأكاذيب «التعايش» والكتابة والصحافة والتلفزيونات والمساكن الشعبية والدخان والزعامات والميليشيات والإنتخابات والمرافقين ومواكب السيارات السوداء المصفّحة، ولأنّ الغنى الفاحش والفقر المدقع والتصنّع والتمغرب والإزدواجيات والكذب وضمور الوطنية ونهب الوطن هو القاعدة العامّة التي لم تمحها حروب شرسة.

 

ولأنّ هذه الأمور مقدّمة طفيفة حقيرة لمّا نشهده في هذا الوطن المستورد الذي لا جذور له سوى صراخ الألسنة المهترئة، أو هو مقدّمة يسيرة من حواضر الوطن العشوائي وفقاً لتسميةٍ أولى الذي يعيش ويستمرّ بلا دستور وكلّهم يتقاتلون على نصٍّ مدفوعة أثمانه عدّاً ونقداً وذلاُ وكذباً،

 

ولأنّني أكتب بهذا عن روح المناضلين في كلّ هذه الميادين وهم قلّة ماتوا مقهورين وخصوصاً في ميادين الصحة والدواء وقوانين الإيجارات والإسكان والتعليم المجّاني وأذكر في طليعتهم فريد جبران نائب بيروت المناضل النموذجي العظيم العم الآدمي أبو جوزيف رحمه الله الذي غادر بعدما قوّضت حيتان المال والوكلاء الحصريونتاريخاً نظيفاً طاهراً يسجّل له مع  نضال قدامى ساسيي لبنان، أين كنّا وأين أصبحنا؟؟؟

 

سقطنا نهائيّاً ! نعم سقطنا، ولن يخلّصنا سفير أو مبعوث أو مصرف دولي أو دولة عظمى أو إقليمية أو…أو….لا يخلّصنا إلاّ خمسة أو ستّة أبطال من فقراء بلادي..

 

لماذا يا ترى؟

 

لا بدّ من قراءة هذا النص، تمهيداً لإعادة طبعه ونشره وتوزيعه بكلّ اللغات حضّاً لا على العصيان المدني أوالنزول للعيش في الساحات أو … أصحاب القصور الذين مصّوا دماءنا ودمّروا الوطن.

 

حان زمن اللحظة البطوليّة للقيامة…