IMLebanon

إفحصوا دمَكُمْ الوطني

 

 

كفى… توقّفوا عن الشعوذة…

لقد سقط الجـدَل، سقط الدَجَل، إنقطع الرجاء، وأَصبحنا أمام دينونة الآخرة.

سقطَتْ، هذه الذريعة الكاذبة التي إسمها: الحكومة والحكم والوزارات والميثاقية والدستور والصلاحيات.

والموضوع الحصري الآن، أصبح يتعلّق باغتيال وطـن، بخيانة وطـن، باحتلال وطـنٍ مرهونٍ لأوطان الآخرين.

لا يقول لنا أحـدٌ: إنّـه لا يحتاج إلى فحص الـدم لإثبات وطنيّتـه، هناك دمٌ لا يحتاج إلى فحص.

بعيداً من التفلسف الكاذب، تفضّلوا إلى مصارحة مفتوحة، إلى مواجهة القواعد القانونية والدستورية لنعرف: هلْ تبقّـى عندنا وطـنٌ ودولة وحكم وحكومة وسيادة واستقلال وقضاءٌ ودستور، ولنعرف ما إذا كنّا حقاً لبنانيين ومواطنين، وما إذا كان دمُنا الوطني لا أوبئـة فيه.

من الدستور نطرح السؤال: هل لبنان الآن: هو سيّـد حـرٌ مستقلّ…

جمهورية ديمقراطية برلمانية.. أرضُ لبنان واحدة لكل اللبنانيين…؟

هل لبنان دولة مستقلّة…؟ والمعنى الفلسفي الحتْمي للإستقلال، هو عـدم الخضوع لشريعةٍ مفروضةٍ عليه من الخارج…؟

هل الدولة في لبنان حسب الإصطلاح القانوني هي الجسم السياسي والحقوقي، لـهُ حكومةٌ مستقلّة وشخصية معنوية خاصة، والناس فيه أحرارٌ في أرضهم…؟

هل الديمقراطية في هذه الدولة لا تزال تعني: سيادة الشعب والعدالة والحرية والمساواة، أوْ هي كما يقول أرسطو: «ديمقراطية استبدادية لأنّها ضـدّ مصالح الجمهور…؟»

هل أرض لبنان بحسب الدستور هي لكل اللبنانيين، أو لكلّ النازحين والطارئين وشـذّاذ الآفاق والخارجين على القانون…؟

والأرض، كما يقول إبن خلدون «تربطها علاقة تراثية بالإنسان تدخل في تكوينه النفسي والبيولوجي، وهي ليست تراكم أفراد بل تراكم تراث وتاريخ…».

والمادة الأولى من الدستور التي تـتعلّق بحدود لبنان، كان حميد فرنجية قد طالب بتنفيذها منذ بداية الإستقلال – بحسب محاضر مجلس النواب – وهي لا تزال مستباحة للتسلّل والتهريب والإنتهاك.

دلّوني أين هو لبنان من هذه المبادئ الدستورية…؟ وهو لم يكن مجرد موقع جغرافي، بل كان أحد الإتّجاهات الكبرى في حضارة الإنسان وحقوق الإنسان.

وأين هو لبنان على أرض الواقع الوجودي…؟ وقد أضحى مجموعة مستعمرات صغيرة كلُّ واحدة منها ترفع علمها المذهبي الخاص، والعلم اللبناني ينكَّسُ نفسه خجلاً وحزناً فوق المؤسسات الرسمية التي أصبحت مغاور للصوص.

أما بعد، فأين هو الحـلّ، ما دام لا حـلّ بهم ولا حـلّ معهم…؟

هل فـي الثورة الشعبية بعدما انكفأتْ من الشارع وراحتْ تتأجَّج في البيوت…؟

هل في الحرب الأهلية…؟ وليس بعدها هذه المـرة طائفٌ بل طوفان…؟

هل في انقلاب عسكري أبيض ينتشل ما تبقّى من رُكام…؟

هل في انتداب جديد يعيدنا إلى عصبة الأمم واتفاقية سايكس – بيكو…؟

كلّها توقعات مطروحة… إلّا إذا كان هناك موقف تاريخي ويقظة وطنية حول طاولة حوار في مجلس النواب، أو إذا شئتم في كنيسة مار مخايل في الشياح، على صورة عامّيـة مار الياس في أنطلياس سنة 1840 «دروز ونصارى ومتولة وإسلام يقسمون على قـول واحد ورأي واحد ولا يخونون…».

فوق هكذا طاولة حوار «مقدسة»، فليطرحْ كلُّ فريق لبنـانَه الديمغرافي في معزل عن الهوس الخارجي والهوى الإيديولوجي والغرض المذهبي، فإذا اتفقوا وأقسموا اليمين مخلصين على إنقاذ لبنان كان لبنان اللبناني.

وإلاّ فليأخذ كلٌّ لبنانَـه المنشطر إلى حيث دولته في منطقته وبيئتـه وحـزبه وجمهوره ومذهبه.

واللـه ولـيُ التـوفيق.