بات لبنان في جهوزية تامة لتلقّف التطورات الإقليمية الأخيرة، والتي سيكون لها دورها وشأنها وتأثيراتها على المسار السياسي الداخلي، وتحديداً الإستحقاقات الدستورية، وفي طليعتها الوضع الحكومي المأزوم، في ظل «الكباش» القائم بين بعبدا وبيت الوسط، بحيث تشير معلومات، إلى أن الوضع اللبناني يُبحث بعناية في الغرف الدولية، على قاعدة ما حصل في غزة من مواجهات وحرب حقيقية مغايرة كلياً عن الحروب السابقة والإنتصار الأخير بعد العدوان الاسرائيلي على غزة ، ومن ثم الإنتخابات السورية وتداعياتها على لبنان، مما يعني أن هناك إقراراً من المجتمع الدولي لهذه التحوّلات والتغييرات على إيقاع النتائج التي أفرزتها هذه الإستحقاقات في الإقليم على الساحة المحلية.
وتنقل المعلومات عن بعض المرجعيات السياسية، «إعترافاً» بتأثير هذا التحوّل، وذلك بعد اتصالات أجريت مع بعض المسؤولين الروس، وصولاً إلى سفراء أميركيين سابقين في لبنان، لجسّ نبضهم حول هذه المستجدات، كما أنها استشفّت عبر أحد المسؤولين السابقين في الخارجية الأميركية، بأن واشنطن ليست بعيدة عن دفع أصدقائها للتكيّف مع المتغيّرات الإقليمية، لا بل أنها تشجّعهم، في حين أن موسكو سيكون لها دور فاعل مع حلفائها وأصدقائها لكيفية ترتيب هذا الإنتقال السياسي في المنطقة، والذي سيعيد إنتاج حالة سياسية جديدة على الصعيد اللبناني، وصولاً إلى اصطفافات وتحالفات بديلة تتماشى مع الواقع الجديد.
وعلى هذه الخلفية، تتحدث المعلومات نفسها، عن ترقب لمواقف بعض الزعامات والمرجعيات، ربطاً بما حصل في الآونة الأخيرة، وإن كان لم يكتمل عقده بعد، بانتظار ما سيكون عليه الوضع في اليمن والعراق على أثر انتهاء جولة وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، في فلسطين والقاهرة وبغداد، لأن هناك حديثاً جدياً عن تسوية في هذا المحور، والذي يعتبر ساخناً، وله أهميته بالنسبة لواشنطن في حال إعادة الحديث عن الموضوع الفلسطيني، إضافة إلى التواجد الأميركي في العراق، والعلاقة الجغرافية بين الأردن وفلسطين، وكذلك، حرب اليمن وإعادة الإستقرار إلى الخليج. وتشير المعلومات، إلى أن هذا الواقع يفرض توسيع القنوات الديبلوماسية والإتصالات بين الخليج ودمشق ولاحقاً طهران عندما تنضج المفاوضات الحاصلة ما بين واشنطن وطهران.
وعلى خط موازٍ، فإن لبنان، وإلى حين تبلور هذه الصورة الإقليمية، وكيفية حسم المجتمع الدولي لموقفه ونظرته لهذه الإستحقاقات، وخصوصاً، بالنسبة لما سيقدم عليه بعد الإنتهاء من الإنتخابات السورية، فعندئذِ قد تتّضح معالم الوضع في لبنان، الذي أصبح في مدار «الطبخة» الإقليمية ربطاً بهذه الأجواء، ذلك أنه على وقعها ستتبلور صورة الإستحقاقات الدستورية من الوضع الحكومي إلى الإنتخابات النيابية، وصولاً إلى فتح المعركة الرئاسية.
ولكن القلق، تقول العلومات، يتمحور حول دخول لبنان في مرحلة الوقت الضائع إلى حتى نضوج الحل لهذه العناوين، وإزاء ذلك، قد تدخل الساحة اللبنانية في ضبابية وفي مسار الخشية من أي استغلال لهذا الإنتظار والترقّب، وبالتالي، صرف ذلك عبر اهتزازات أمنية وفوضى، ولا سيّما أمام حالة الإنقسام السياسي والتدهور الإقتصادي والمعيشي، والبرودة الدولية تجاه تقديم أي مساعدة في الوقت الحالي.