IMLebanon

الزمن اللبناني

 

لم يعد في لبنان شيء مألوف أو حتى طبيعي.

 

مرّت علينا حروب ومشكلات واستحقاقات واضطرابات… وكان العالم الخارجي يهتمّ بنا من دون أدنى شكّ، ولكنه لم يبلغ في حراكه هذا الحدّ الذي نراه اليوم. فلبنان وأوضاعه على ألسنة كبار المسؤولين من باريس إلى واشنطن، ومن موسكو إلى بروكسيل. إنه دليلٌ على أنّ الأزمة اللبنانية لم تعد مجرّد شأن لبناني وحسب.

 

ولم يحدث أن توجّه سفيران، أوروبي وأميركي، إلى بلد خارج لبنان كي يتدارسا مع مسؤوليه في الوضع اللبناني.

 

كما أنّ الأزمة اللبنانية باتت تستأثر باللقاءات والاجتماعات، خصوصاً تلك التي تُعقَد من أجلها على المستويات الإقليمية والدولية، مثل لقاء الأساقفة في الفاتيكان بدعوة من سيّده ولقاء وزراء الخارجية الثلاثة الفرنسي والأميركي والسعودي، والمحادثات الروسية – الأميركية حوله، ناهيك بأنها تستقطبُ جزءاً من أي لقاءٍ بين مسؤولَين كبيرَين.

 

ولا يفوتُنا الكلام على المؤتمر العالمي الذي نظّمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتفاهم مع نظيره الأميركي جو بايدن، إلى مؤتمر روما لدعم الجيش اللبناني، إلى المساعدات العينية التي تنحصر في مواد غذائية وطبابة…

 

أما في الداخل، فالمواطن اللبناني في ذروة اليأس وقمّة الضياع وقد أخذَته جريمة تفجير المرفأ إلى مكان بعيد جداً من السوداوية، التي بلَغَت في هذه الأيام منحىً جديداً في الخِلاف على ما إذا كان أصحاب الحصانات سيُلبّون إستدعاء المحقّق العدلي أو أنهم سيتمنّعون لسبب أو لآخر. وإذا أخذنا بما أدلوا به من تصريحات فإنهم سيمثلون.

 

تتوافق هذه الصورة البانورامية المروّعة مع فقدان أكثرية اللبنانيين الساحقة أدنى مقوّمات الحياة بسبب انهيار العملة الوطنية. كان الدولار إذا ارتفع قروشاً معدودة، وليس بآلاف الليرات كما هو اليوم، تُقام الدنيا ولا تُقعَد حتى يستقيم الأمر. ففي أيام الحروب التي تناسلَت عندنا، تمكَّن المسؤولون من منع الوصول إلى العجز والفقر والجوع التي تضربنا اليوم، خصوصاً أنّ لبنان افتقّد منذ عقود إلى مقوّمات التطوّر الاقتصادي في مجالاته كافة بما فيها الإنتاج المحلّي الذي بدل الإسهام فيه وتعزيزه تحوّلت الكتلة المالية إلى حيثُ يبحث عنها أصحابها اليوم فلا يجدونها.

 

كنا نعرف أنّ لبنان الزمن الجميل ولّى إلى غير رجوع ورحلت معه الأماني الكثيرة والطموحات الكبيرة وبات طموحنا الوصول إلى مرحلة يتمكّن فيها الناس من لقمة الكرامة ودواء الضرورة والمدرسة والكتاب… أي ما هو أدنى الأدنى مما توفّره الحكومات لشعوبها.