لم تنفع الخطوة الوقائية لرئيس الحكومة تمّام سلام عشية اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، باستدعائه سفراء دول مجلس التعاون الخليجي، في استدراك المزيد من الإحراج بعد الحملة التي تقودها الرياض على “حزب الله” وتصنيفه تنظيماً إرهابياً، وتفهّم الوضع الخاص للنسيج الاجتماعي للبنان وموقع الحزب، سواء في مجلس النواب أو في الحكومة، أو على المستوى الشعبي. ولم يفاجأ سلام ولا وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بطرح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مشروع القرار على الجلسة المسائية للمجلس عصر أمس في القاهرة. فما كان من باسيل، وفقا لما اتفق عليه مع سلام، إلا أن تحفّظ عن أي قرار بتوصيف الحزب تنظيما إرهابيا. وسجّل تحفّظ لبنان عن تصنيف “حزب الله” إرهابياً، “لكون الأمر لا يقع ضمن تصنيف الأمم المتحدة، ولا يتوافق مع المعاهدة العربية لمكافحة الإرهاب والمقاومة، ولأن حزب الله يمثّل مكوناً أساسياً وشريحة واسعة من اللبنانيين، وله كتلة وازنة نيابية ووزارية”.
وأفيد رسمياً أنّ باسيل طالب بحذف عبارة “حزب الله الإرهابي” للموافقة على القرار من دون تحفظ، ولم يتم التجاوب معه، فسجّل موقفه خطيًا، وحذا حذوه نظيره العراقي ابرهيم الجعفري. كذلك سجّل وزير الخارجية الجزائري ملاحظة.
والسؤال المطروح: هل الموقف الذي سجّله باسيل أمس في القاهرة سيرضي الفريق السياسي الذي احتجّ عليه، لأنه يعتبره شبيها بالقرار الذي كان اتخذه في 11 شباط الماضي في الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بعد حرق سفارة المملكة في طهران والقنصلية العامة في مشهد إثر إعدام رجل الدين السعودي الشيعي نمر باقر النمر؟ واجه باسيل حملة شديدة من الانتقادات، من بينها اتّهامه بأنه وراء تعكير العلاقات وتهديد مستقبل اللبنانيين العاملين في المملكة وبقية عواصم دول الخليج، لأنه نأى بنفسه عن القرار الذي طرح وخلا من أي ذكر لاسم الحزب، فيما كان مثبتا في البيان الختامي.
وشبّه المتابعون ليل أمس موقف باسيل بموقف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في اجتماع وزراء الداخلية العرب أخيرا، ودعت مصادر قيادية الى انتظار عودة باسيل من القاهرة لمعرفة ما ستكون عليه ردود الفعل.
ولفت المشاركون في أعمال الدورة الحالية لمجلس وزراء خارجية الدول العربي الى أن المناقشات التي دارت في جلساتها اتّسمت بالسخونة، وللمرة الأولى لم يصر الى التوافق التام على اختيار الامين العام الجديد الذي بقي مصريا، وهو أحمد ابو الغيط، على الرغم من الاعتراض الشديد لقطر. فأصرّت القاهرة على مرشّحها وعلى إجراء الانتخاب أول من أمس الخميس، إما بالتوافق وإما بالتصويت، فتراجع القطري بعد ساعات طويلة من النقاش.
واعتبرت مصادر قيادية أن قرار وزراء الخارجية العرب ضد الحزب يندرج في إطار المواجهة السعودية ضد النفوذ الإيراني في لبنان، من خلال وصف الحزب بأنه “تنظيم إرهابي”.