يتحضر الجيش اللبناني لمعركة «الفصل الأخير» مع «الارهابيين – التكفيريين» في جرود راس بعلبك والقاع على الحدود الشرقية المتداخلة مع الحدود السورية، ويحيط «ساعة الصفر» بكتمان لافت يعزوها خبراء الى أسباب «لوجستية»، والجميع على قناعة بأن «الانتصار قريب» على خلفية ان «لبنان في حاجة الى هذا الانتصار بوجه الارهابيين» على ما قال رئيس الحكومة سعد الحريري خلال زيارته التفقدية أول من أمس، الجبهة يرافقه قائد الجيش العماد جوزف عون وكبار الضباط..
«كل الحكومة، على تعدد وتنوع أعضائها، تقف خلف الجيش الذي يقوم بمهمة بالغة الصعوبة والأهمية على المستويين المباشر والاستراتيجي.. والجميع يريدون لهذه المؤسسة العسكرية ان تقوى وتتعزز وتستمر في اداء واجباتها والقيام بمسؤولياتها الوطنية لحماية هذا البلد، وتوفير الأمن والاستقرار في ارجائه كافة، شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً..
اللافت ان اداء الجيش اللبناني في مواجهته الارهابيين والنجاحات الميدانية التي حققها اثارت تنويهات العديد من دول العالم، التي شددت على وجوب استمرار العمل وتركيز الجهود والتعاون من أجل مكافحة الارهاب.. وقد تعزز هذا التأييد بالزيارات التي يقوم بها ممثلو عدد من الدول الى لبنان، او عبر السفارات.. وفي هذا السياق كانت لافتة زيارة مساعد وزير الخارجية الايرانية للشؤون العربية والافريقية حسين جابر الانصاري الى لبنان، ولقاءاته القيادات اللبنانية السياسية والمرجعيات الروحية. في توقيت يتقاطع مع التطورات الميدانية على أرض الواقع في العراق وسوريا وتراجع «داعش» بنسبة كبيرة.. وقد وصلت سوريا مرحلة ترتيب ما بعد الحرب..
لم يخف المسؤول الايراني الهدف من الزيارة – أقله في العلن – لافتا الى «الأخطار والتهديدات الكبرى الجاثمة على صدر الأمة الاسلامية والمتمثلة أولاً بارهاب الدولة الذي يمثله الكيان الصهيوني الغاشم والمحتل لارض فلسطين.. وثانيا المتمثل في ظاهرة الارهاب والتكفير والتطرف..».
عديدون قرأوا زيارة المسؤول الايراني على أنها تعبير عن قرار ايراني في وضع اللمسات الأساسية لمرحلة ما بعد انتهاء الحروب والتي تعزز من تمدد ايران الى المتوسط ابتداءً من العراق مروراً بسوريا وصولاً الى لبنان.. وهي مسألة اثارت قلقاً في غير مكان، خصوصاً وأن العلاقات العربية (عموماً) خصوصاً الخليجية بقيادة السعودية مع ايران لازالت مضطربة والقطيعة قائمة بسبب تمادي القيادات الايرانية في انتهاج سياسة التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وتعريضها من الداخل لجملة مخاطر، على النحو الحاصل في اليمن والبحرين وسوريا وغيرها.. الأمر الذي عزز قلق السعودية من ان يكون لبنان ساحة اشتباكات من نوع جديد لا ساحة حوار وتلاقي.. فكانت زيارة وزير الدولة لشؤون الخليج العربي في وزارة الخارجية السعودية ثامر السبهان الى لبنان ولقائه عدداً من المسؤولين، بالغة الدلالة وقد جاءت متقاطعة مع زيارة الانصاري، ليؤكد للجميع التزام السعودية دعم الجيش في عملياته ضد الارهاب ولضمان الأمن والاستقرار في الداخل عند الحدود..
… وفي السياق فقد كانت لافتة (وفي ظل التشابكات الدولية على المستوى الاقليمي، على غير ساحة) زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الى موسكو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أحد أبرز الشركاء الدوليين في الحرب الكونية الدائرة على الساحة السورية الى جانب الرئيس السوري بشار الاسد بالتحالف مع ايران التي كانت في صلب الشكوى الاسرائيلية.. «ايران التي تبذل جهوداً لتعزيز وجودها في سوريا.. وهذا يشكل تهديداً لاسرائيل وللشرق الاوسط والعالم» على ما قال نتانياهو بعد لقائه بوتين في منتجع سوتشي على البحر الاسود، وان لم يخفِ اعتباره ان «الجهود الدولية الهادفة لمكافحة تنظيم «داعش» مهمة جداً.. مستدركاً بالقول: «لكن الأمر السلبي هو ان ايران تشعل حيزا حيثما يهزم داعش».. وقد كشف نتانياهو في تغريدات على موقع «تويتر» أنه قال للرئيس الروسي بوتين ان «إسرائيل ستدافع عن نفسها ضد التهديد الايراني وتهديدات أخرى بكل الوسائل..» وان لم يقل أين ومتى؟. وان جدد معارضة «إسرائيل» لجهود ايران «التي تسعى الى التموضع في سوريا..».
وكانت وسائل اعلام إسرائيلية أفادت ان «ايران باتت في مرحلة متقدمة من عملية بسط سيطرتها على العراق واليمن.. وهي تسيطر عملياً وبقدر كبير على لبنان (عبر «حزب الله»).. ونقلت عن نتنياهو لفت انتباه بوتين الى «سلبيات دخول ايران الى كل منطقة يمنى فيها «داعش» بالهزيمة ويختفي..» مشدداً على ان اسرائيل «لا يمكن ان تنسى، ولو للحظة ان ايران تواصل تهديداتها اليومية بتدمير دولة إسرائيل.. وهي تسلح تنظيمات إرهابية وتحرض على الارهاب..»؟!
ليس من شك في ان المنطقة على أبواب مرحلة جديدة قد تكون بداية لتوافق دولي – اقليمي – عربي، او تشهد صراعات من نوع آخر.. لن يكون لبنان بالتأكيد بعيداً عنها، خصوصاً وأن العين الاسرائيلية لا تغيب لحظة عما يجري في لبنان والدور الكبير الذي يقوم به «حزب الله» في الصراعات الاقليمية، وتحديداً في سوريا وفي لبنان في مواجهة الجماعات والتنظيمات «الارهابية والتكفيرية» من دون ادارة الظهر للمخاطر الاسرائيلية والتهديدات التي تتصاعد يومياً وبأساليب متعددة ومختلفة..
المسألة بين أيدي الافرقاء اللبنانيين الموزعين أساساً بين محورين، محور عربي تقوده المملكة العربية السعودية، ومحور ايراني.. والكرة هي في مرمى المحور الايراني بالدرجة الأولى والذي عليه ان يوفر التطمينات والضمانات الكافية والمطلوبة بأن لبنان سيكون ساحة لقاء ومصالحة وحوار لا ساحة حروب واشتباكات المستفيد الأول والأخير منها هي «إسرائيل».