Site icon IMLebanon

لبنان بعد إعدام النمر: حوار.. أم اشتباك؟

عن المنطقة المهتزّة.. والفرصة الرئاسية الضائعة

كثرت المخاوف من «تراكم سلبيات» ترخي بأثقالها على المشهد اللبناني، وتصعِّب اتمام الانتخابات الرئاسية في لبنان، اقله خلال النصف الأول من العام الحالي مع غياب المؤشرات على امكان تراجع منسوب الصعوبة بعد ذلك، فتطورات المنطقة تزداد تعقيدا. ويُخشى ان يتفاعل اعدام الشيخ نمر النمر الى حد كبير، وأن تتدحرج التداعيات على كامل الصورة، وان تتعدّد ساحات الاشتباك بين السعودية والمناوئين لسياستها.

مكمن الصعوبة على لبنان انه يقع في قلب الصورة، وليس منعزلا او بمنأى عن تطورات المنطقة.. ولطالما كان لبنان المتلقي الاول لها، وأول المتفاعلين معها، والمتحرّك على ايقاعها، بسلبياتها كما بإيجابياتها.

ولأن للسعودية وخصومها حضورهم المباشر في لبنان، فما يخشى منه هو ان تكون ساحته المرآة العاكسة للتوتر الاقليمي وأولى ساحات التفاعل مع الاشتباك بمختلف أشكاله، خاصة أنّ اعدام الشيخ النمر لرمزيته، يبدو انه منطلق من ارادة سعودية شديدة الوضوح بقطع كل الايدي الممدودة اليها، وهدم جسور التلاقي معها، ليس في ساحتها الداخلية، بل في كل الساحات المشتركة مع الآخرين.

امام هذه الصورة المهتزّة، يصبح السؤال مشروعا حول جبهة «حزب الله» ـ «المستقبل» ومصير الحوار بينهما، وحول الوضع الحكومي، وكذلك حول كل الامور التي لها صلة بالسعودية. كما يصبح الكلام في الاستحقاق الرئاسي في لبنان بلا اي معنى، ففي الاصل شروط اتمامه غير متوفرة، واما اليوم فقد ازداد صعوبة وضبابية وتعقيدا ولمدى زمني مفتوح.

«كان يمكن للبنان ان يحظى برئيس للجمهورية قبل نهاية العام الماضي»، يقول مرجع سياسي، «الموضوعية تقضي الاقرار باستحالة وصول ميشال عون الى الرئاسة ولا سمير جعجع، لقد كانت هناك فرصة ترشيح سليمان فرنجية لعبور استثنائي من الفراغ الى الرئاسة، ولكن لم يُحسَن التقاط هذه الفرصة وهناك من عمل على تضييعها».

اعتراض عون وجعجع على هذه الفرصة، يصفه المرجع السياسي بالامر الطبيعي والمتوقع، الا انه لا يفتح طريقهما الى بعبدا، لكن تلك الفرصة ضربت وتضرب من قلب بيت من طرح فكرة ترشيح فرنجية، والنتيجة الفورية تجميدها الى اجل غير مسمى، واما الاسباب فمتعددة:

ـ تعمّد تسريب اخبار انعقاد اللقاء الباريسي بين سعد الحريري وسليمان فرنجية برغم الحرص الشديد على سريته.

ـ اعتقاد الحريري ان الكرة الارضية كلها تقف خلف مبادرته، وعدم مبادرته وفريقه، الى توفير المناخ الجدّي لتأسيس ارضية ملائمة لتركيز المبادرة عليها.

ـ عدم اظهار الحريري اية جدية في دعم هذه الفرصة وامتناعه عن إعلان تبني ترشيح فرنجية رسميا.

ـ تسريب ما سمي «مضمون» النقاش بين الحريري وفرنجية، والحديث عن التزامات، لم يأت من جانب فرنجية ولا ممن هم حوله. هذا يعني ان المسرّب هو الشريك الآخر في اللقاء الباريسي. وما يثير علامات التساؤل هو سكوت الحريري وفريقه حيال كل ما قيل ويقال في شأن «الالتزامات»، سواء اكانت معقودة او غير معقودة

ـ ابقاء «المستقبل» خط التراجع عن مبادرة الحريري عبر تكرار القول ان فرنجية ليس مرشحا رسميا حتى الآن.

ـ مرافعة فؤاد السنيورة الاخيرة حول ترشيح فرنجية، اللافت فيها انها لم تأت لا في الزمان ولا المكان المناسبين. حتى ان من المعنيين بها من شككوا فيها، وقرأوا في بواطنها قطعا للطريق امام فرنجية وليس فتحا لها.

ـ مبادرة بعض الاصوات، وخصوصا في محيط الحريري، الى اقران ما سمي بمبادرته غير المعلنة رسميا، الى القول بأن هذه الفرصة توقع بين فرنجية وحلفائه وتخرجه كركن أساسي في «8 آذار» من هذه المنظومة وبالتالي تنسف «8 آذار». علما ان الصورة هنا يلخّصها المرجع السياسي بأمرين:

الاول، فرنجية بالنسبة الى الفريق الذي ينتمي اليه، كان ولا يزال يشكل «خيارا ذهبيا» لرئاسة الجمهورية. وأن يبقى هذا الخيار محميا من اية عوامل تخفف من وهجه ولمعانه.

الثاني، فريق سليمان فرنجية يرى فيه الشخصية التي تتمتع بالمواصفات والصفات الرئاسية المتكاملة، فكيف يراه اصحاب المبادرة؟ هل يشكل بالنسبة اليهم خيارا رئاسيا جديا، ام هو محاولة للاستثمار على هذا الامر لأجل مصالح وغايات اخرى؟ الجواب عند تيار «المستقبل».

ولكن ماذا عن ميشال عون؟

يقول المرجع «دخلنا في فترة مراوحة طويلة في الفراغ، وعون ما زال متمسكا بترشيحه، وطريقه الى بعبدا دونها اعتراضات محلية وخارجية. وبالتالي فإن النقاش الآتي حول مصير هذا الترشيح يحتاج الى هدوء ورويّة ومزيد من الحكمة والتبصّر.. لكن قبل ذلك لا بد من انتظار بضعة اشهر».