Site icon IMLebanon

لبنان.. وألف لا لإيران

بعيداً عن الاستشارات النيابيّة الملزمة لتكليف رئيس الحكومة العتيد، ليس بخافٍ أنّ شريحة واسعة من اللبنانيّين تعتريها مشاعر إحباطٍ، إذ انّها تعتبر أنّ حزب الله انتصر ووضع يده على البلاد مع وصول الرئيس العماد ميشال عون إلى سُدّة الرئاسة، وثمّة فارقٍ بين الهواجس والمخاوف المشروعة التي من المباح أن تُشرّع عليها التساؤلات عند بداية كلّ عهد رئاسيّ، وبين الاستسلام لفكرة «الهزيمة الوهميّة»، فالرّابح الحقيقي من انتهاء الشغور والفراغ هو أوّلاً لبنان وثانياً الموارنة واللبنانيّون جميعاً، والهزيمة الحقيقيّة كانت لتكون لو سُلّمت مقاليد الرئاسة للنائب سليمان فرنجيّة «خيّ» بشّار الأسد.

لا نستطيع أن ننكر أنّ هناك شريحة تشعر بهزيمة، لا يوجد عاقل ينفي هذا الشّعور ويدفن رأسه في الرّمل، وقد علقت الزميلة الإعلامية ديما صادق، عبر صفحتها الرسمية على موقع «فايسبوك»، على إنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، بالقول: «البلد بالـ٩٠ سلم رسمياً للسوريين . بالـ٢٠٠٥ انفجر الوضع، وخرجوا السوريين. من الـ٢٠٠٥ للـ٢٠١٦ صراع مين بدو يمسك البلد، مع أرجحية واضحة جداً منذ البداية لحزب الله. اليوم كرس الوضع رسمياً: انتصر حزب الله بشكل حاسم. من هلق لعشرين سنة على الأقل لبنان تحت إمرة حزب الله في منطقة تحت إمرة ايران لملموا اوراقكم وستاتوساتكم  واعتراضاتكم عالهدا. انتهى كل شيء»…

ليس صائباً أبداً أنّ حزب الله انتصر بشكل حاسم، حتى بعد 7 أيار العار، أثبتت انتخابات العام 2009 هزيمة حزب الله نفسه وعجزه عن إخضاع لبنان لسيطرته، حتى قبل حزب الله وخلال حقبة الوصاية السوريّة والتي سُلّم لبنان لها عام 1990 لم يكفّ لبنان عن مقاومة الاحتلال السوري، وليسمح لنا الغارقون اليوم في مشاعر الهزيمة والإحباط ألم يكن اغتيال الرئيس بشير الجميّل ذروة الإحباط للمسيحيين خصوصاً ولمعظم اللبنانييّن، ومع هذا هل انتهت المقاومة اللبنانيّة؟ ثمّ لاحقاً ألم يكن 13 تشرين الأول 1990 ذروة الإحباط لنصف المسيحيين ومع هذا هل انتهت المقاومة اللبنانيّة؟ ثم ألم يكن اقتياد الدكتور سمير جعجع في 21 نيسان 1994  إلى سجن وزارة الدّفاع قمّة الإحباط من إحكام الاحتلال السوري قبضته على لبنان ومع هذا هل انتهت المقاومة اللبنانيّة؟ علينا أن ننعش ذاكرتنا قليلاً لنتذكّر الاحتلال الفلسطيني الذي عجز قبل حزب الله وإيران من ورائه، وقبل الاحتلال السوري أن يجعلنا نستسلم لفكرة «انتهى كل شيء»، حتى 14 شباط العام 2005 مع تفجير الرئيس رفيق الحريري في قلب بيروت والذي أريد للبنان واللبنانييّن  لحظته أن يقولوا «انتهى كل شيء»، ومع هذا هل انتهت المقاومة اللبنانيّة؟

العهد لم يبدأ بعد، ومن الجائر أن يعتبر المحبطون أنّه «انتهى كلّ شيء»، ومن الظلم للبنانييّن الصامدين منذ خطاب أمين عام حزب الله حسن نصرالله في 8 آذار العام 2005 في وجه إيران وحزبها أن يقال «انتهى كلّ شيء»، حزب الله لم يستطع حتى إيصال الرئيس ميشال عون إلى سُدّة الرئاسة طوال عامين ونصف، «معراب» ومصالحتها وشجاعة الدكتور سمير جعجع صنعوا اللحظة الرئاسية، وتمّم صناعتها الرئيس سعد الحريري الذي جعل ما كان مستحيلاً واقعاً، وما كان حلماً منذ العام 1989 حتى 31 تشرين الأوّل 2016 حقيقة…

لم ينتهِ شيء على الإطلاق، ما زال يوم 14 آذار العام 2005 هو الردّ المدوّي على ذاك الـ 8 آذار الذي كان قولاً في العام 2005 وتحوّل إلى القول إلى فعل في 7 أيار العام 2008، أقصى ما يستطيع أن يفعله حزب الله هو التعطيل بالسياسة أمّا التعطيل بالسّلاح فنقول: «هالمية ألف صاروخ يبلّن ويشرب ميّتن» لأنّه ولحظة احتلاله رسميّاً للبنان يكتب بيده نهايته ومغادرة المقاومة اللبنانيّة سلميّتها.

لم ينتهِ شيء، دعوا العهد ينطلق لأنّ الرئيس ميشال عون لبناني أوّلاً وأخيراً، وقد أوصلته أصوات أشدّ مناوئيه إلى قصر الرئاسة في بعبدا قبل أصوات حلفائه التي أثبتت خلال عامين ونصف أنّها لم تقرّبه خطوة من قصر بعبدا بل كانت حائلاً دون ذلك…

حرام.. لا يستحق اللبنانيّون تهمة الاستسلام، ولا إيران ولا ألف حزب لها يستطيع أن ينتصر في لبنان ولا في المنطقة بشكلٍ حاسم في المنطقة، نعم إيران زعزعت أمن المنطقة برمّتها، ولكنّها فشلت حتى في فرض سيطرتها بشعرة فيها، وهذه الفورة الشيعيّة الفارسيّة  اعتاد عليها التاريخ العربيّ الذي هبّت عليه الرياح العاتية دائما من خراسان وانتهت كلّها بنكبات على أهلها، لو سمحتم إقرؤوا تاريخ لبنان والتاريخ العربي المجيد على مساوئه وبلادته وقبليته وجاهليته وغبائه!!