Site icon IMLebanon

لبنان يستعيد موقعه الطبيعي في الحضن العربي

كرّس اختيار رئيس الجمهورية ميشال عون المملكة العربية السعودية مكانا لأول اطلالاته الخارجية منذ تسلمه مهامه عودة لبنان الرسمي الى موقعه الطبيعي في الحضن العربي، بغض النظر عن تموضع قوى سياسية مشاركة في الحكم في محور ايران الساعية دوما الى مدّ هيمنتها على دول المنطقة.

فقد شكل هذا الخيار، الذي كان اول من كشف عنه مستشار خادم الحرمين الشريفين امير مكة خالد الفيصل الذي حمل الدعوة الرسمية عندما اتى مهنئا بالانتخاب، اعلانا واضحا عن الرؤية الرسمية للموقع الذي تتمركز فيه مصالح البلاد الحيوية على مختلف المستويات. وقد لخص الرئيس عون الرؤية الرسمية في حديث صحافي اوضح فيه بشفافية ان مساعدة ايران «حزب الله» كانت في اطار سياسة دعم المقاومة وتحولت «الى ما يوصف بالحرب على الارهاب في سوريا (…) لكن ضمن الاراضي اللبنانية هناك دولة هي المسؤولة عن امن المواطن وعن امن الجماعات وعن حفظ الحدود، اما خارج الحدود فالازمة تفوق قدرة لبنان وهي متوقفة على لاعبين دوليين واقليميين كثر».

فـ«حزب الله« لم يعارض علنا هذا الخيار، و»إن كان بديهيا انه يفضل خيارا آخر أقل وضوحا من مثل زيارة لمصر او لفرنسا» وفق مراقب سياسي حيادي. وربطت التسريبات على ألسنة مناصرين لـ«حزب الله« الخيار بأن السعودية، ثالث دولة ارسلت موفدا للتهنئة، هي اول من دعاه الى زيارة رسمية، رغم ان التهنئة وصلته اولا من سوريا وثانيا من ايران. حتى ان رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى علاء الدين بروجردي ذكّر من بيروت عشية الزيارة، التي قد تؤدي راهناً الى الافراج عن هبة للجيش اللبناني بقيمة ثلاثة مليارات دولار، بأن رغبة بلاده في تسليح الجيش «راسخة وهذا الامر موضوع بتصرف الحكومة ان شاءت ان تفعله». وفي اطار التشويش المموّه ركزت وسائل اعلام ومحللون مقربون من «حزب الله« على تغيب ولي العهد وزير الداخلية الامير محمد بن نايف رغم وجوده في الجزائر، وكذلك تغيب ولي ولي العهد وزير الدفاع الامير محمد بن سلمان رغم ما نقل عن العاهل السعودي بأن الامور العسكرية سيبحثها وزير الدفاع بعد عودته من الخارج.

اما «حزب الله» وبناء على معرفته بشخصية الرئيس عون ومدى تمسكه بخياراته، ترك له الباب مواربا، عندما شدّد امينه العام حسن نصر الله على «الثقة« به وبالتالي «من حق الرئيس ان يسافر الى اي مكان وان يكون سفره الاول الى اي مكان». وحتى لا يشكل سلوكهم ضربة للعهد الذي يعتبرون انفسهم عرّابه خفف مسؤولو الحزب كثيرا من وتيرة استهداف «آل سعود»، وان بقي ذلك تذكيريا في بعض المناسبات كإحيائهم مؤخرا الذكرى السنوية الاولى لاعدام الشيخ نمر باقر النمر.

وبذلك تكون الزيارة بحد ذاتها «ايجابية جدا» وفق المصدر نفسه، بغض النظر عن نتائجها المباشرة لان الامور تتطلب وقتا سواء الافراج عن الهبة او عودة السيّاح او الاستثمارات، خصوصا ان الوزير السعودي لشؤون الخليج تامر السبهان اوضح في حديث صحافي «ان بلاده تقدر الظروف التي مر بها لبنان في المراحل السابقة. كما رأت صحف سعودية انها «تعيد حرارة العلاقات» (الحياة) او «تبدد الالتباسات« (الوطن)، فيما شددت صحيفة «الرياض« على انها تحمل دلالات ورسائل سياسية واقتصادية على اكثر من صعيد اهمها «اعادة التوازن الى العلاقات التاريخية والتأكيد على وحدة لبنان وعروبته واستقلالية قراره (…) بعيدا عن اي تدخلات اقليمية او حزبية او طائفية».

وقد وصف رئيس الحكومة سعد الحريري الزيارة بأنها «تاريخية وناجحة بكل المعايير« باعتبارها «خطوة مهمة على طريق تعميق العلاقات وازالة الالتباسات وترميم ما ساد من تباينات خلال الفترة الماضية» التي كانت سببا لتجميد الهبات وامتناع السيّاح الخليجيين.