اليوم تحل السيدة ميركل، المستشارة الالمانية، في لبنان ضيفة تمثل بلداً ينعم باقتصاد زاهر وبأمن وافر ويؤدّي دوراً بارزاً على الصعيدين الاوروبي والعالمي، خصوصاً في مجال أزمة النازحين السوريين، والنزوح واللجوء بشكل عام، وهذا الموضوع سيكون أبرز ما تتناوله اليوم مع الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري كما كانت قد بحثته أمس مع الرئيس سعد الحريري.
وفي المستقبل غير البعيد سيأتي الرئيس الفرنسي ماكرون في زيارة دولة الى لبنان ليس فقط في إطار العلاقات التاريخية الوثيقة بين البلدين إنما كذلك من أجل التأكيد على الدعم الذي تخص به باريس لبنان ورئيسه وحكومته وجيشه وقواه الأمنية.
وإلى زيارات عديدة حدثت وسواها مقررة وفق برنامج زمني لرؤساء ومسؤولين كبار عرب وأجانب، فيأتي هذا استكمالاً للمؤتمرات المهمة التي شهدنا ثلاثة منها في الأشهر الأخيرة عقدت تباعاً على أعلى المستويات العالمية وبمشاركة القادة العالميين الكبار بدءًا بمؤتمر “باريس الرابع” أو “سادر 1” فمؤتمر روما فمؤتمر بروكسيل.
فالمؤتمر الذي عُقد في العاصمة الفرنسية أسفر، كما هو معلوم، عن تخصيص 11 مليار دولار الى لبنان تراوح بين الهِبات والقروض الميسّرة وغايتها دعم الاقتصاد الوطني وصمود لبنان.
ومؤتمر العاصمة الايطالية خُصّص لدعم الجيش والقوى الأمنية ووضعت فيه خطط واضحة لكيفية ترجمة هذا الدعم على الأرض، وإن ضمن ما تأذن به المعادلات والظروف الدولية، وعلاقة التحالف العميق بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل.
أمّا مؤتمر العاصمة البلجيكية فقد خُصّص لبحث مسألة النازحين السوريين ودعم لبنان الذي يتحمّل العبء الكبير جداً من خلال تدفّق هؤلاء النازحين عليه بما يتجاوز طاقاته وقدراته وإمكاناته، وما رتّب حتى الآن أعباءً تجاوزت العشرة مليارات دولار كما أفادت الدراسات الدقيقة التي تحدّث عنها رئيس الجمهورية في الأسبوع السابق.
ازاء هذا النشاط الدولي تجاه لبنان في مقابل العقبات التي تعترض تشكيل الحكومة، والتي يؤكّد الرئيس المكّلف الشيخ سعد الحريري على انها “عقبات داخلية وليس خارجية”… ازاء هذا كله يصح أن نتساءَل ما إذا كان العالم يهتم بنا وبمصلحتنا أكثر مما نهتم نحن بأنفسنا! وهو تساؤل مشروع وفي مكانه بالنظر الى الأسلوب الذي يتعامل به مختلف الأطراف مع عملية تأليف الحكومة التي يقوم بها الرئيس الحريري بمسؤولية كبيرة، ولكن بالتأكيد من دون أي تسرّع ربّـما يطالبه به البعض.
ولا نكاد نصدّق ما نسمعه من هذا الفريق أو من ذاك… فهذا يريد وزراء “على حجمه”، وذاك يريد وزراء على حجم “الوكالة التي أعطانا اياها الناخبون”، وثالث يريد أن يستأثر بوزراء طائفته، ورابع لديه نائبان لا غير ويريد وزيرين…
وأمّا حديث الوزارات السيادية ووزارات الخدمات فهو حديث طويل آخر… ولو شاء الرئيس المكلّف أنْ يلبّي الطلبات كلها لوجب إيجاد مئات الحقائب الخدماتية وعشرات الحقائب السيادية، ومئات الحقائب الأخرى بما فيها وزارات الدولة.
فهل أصبحنا بارعين بهدر الفرص التي تأتينا، فنضيعها واحدة تلو الأخرى؟!.
عوني الكعكي