يقال الكثير عن تسوية سورية قريبة، مع ما يعنيه ذلك من حلحلة العقد ذات العلاقة بين المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية، المرشحة للبحث والمناقشة في قمة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الروسي فلادمير بوتين اواخر الشهر الجاري في موسكو حيث ترددت معلومات عن ان الصراع في سوريا سيتصدر المباحثات، وعلى اساس نتائجها سيكون كلام اخر على الحال في سوريا، بما في ذلك مرحلة ما بعد الرئيس بشار الاسد (…)
واذا كان لبنان سيتأثر مباشرة بهذا الحدث الدولي، فان ذلك لا بد وان ينطلق من ضرورة فصل ازمة الاستحقاق الرئاسي المزمنة عن الملفات الاقليمية المعقدة، لاسيما ان جدول اعمال قمة موسكو سيكون حافلا بقضايا اقليمية ودولية في مقدمها الازمة السورية التي تشكل انعكاساتها حالا استثنائية سلبية على العلاقات بين روسيا والدول الكبرى، بما في ذلك علاقة للجمهورية الاسلامية في ايران التي تحولت بدورها الى ما يشبه المشكلة على رغم كل ما تردد عن ان الاتفاق النووي قد اعاد تبريد الاجواء بين طهران وواشنطن، فيما قالت اوساط مراقبة ان قمة سلمان- بوتين ستكون تحت انظار الولايات المتحدة التي تعرف مع الغرب الاوروبي ان موسكو لم تقطع الامل من ترطيب علاقاتها مع المحيط السوري!
وترى اوساط ديبلوماسية مطلعة ان جدول اعمال القمة السعودية – الروسية سيتطرق بداية الى ابعاد ومعاني التدخل العسكري الروسي في الحرب الدائرة في سوريا، لاسيما بالنسبة الى تدخل الطيران الروسي في مجال الدفاع عن الاسد وتعزيز قبضته على بعض الاماكن التي خسرها في مواجهة خصومه والنتائج المترتبة على ذلك، حيث قيل صراحة ان «السوخوي» قادرة على مواجهة خصوم الاسد، لاسيما في المناطق التي يتطلع النظام الى استعادتها من غير حاجة الى القول ان جيش السلطة قد اصبح في وضع احسن مما كان عليه.
هذا على الصعيد السوري الداخلي، فيما ترى الاوساط المشار اليها انه لا بد من ان يكون في عداد الوفد السوري الذي رافق الاسد الى موسكو بعض المستشارين الايرانيين ممن يهمهم ان لا يخطئ الاسد في قراراته التي قد تؤدي بشكل او باخر الى خلق حال نفور بينه وبين طهران التي وظفت ثقلها السياسي والعسكري لدعمه، فيما تعرف موسكو ان سحب الايرانيين وحزب الله يشكل حلا لثلاثة ارباع المشكلة السورية لاسيما ان الجانبين السعودي والروسي يهمهما الوصول الى حل سياسي في سوريا، يبدأ بتفهم مطلب السعودية ازاحة الاسد في مرحلة زمنية قصيرة بعكس ما تردد عن ان الروس يتمسكون بالنظام السوري مهما اختلفت نتائج قمة موسكو (…)
السؤال المطروح: ماهو المطلوب من الاسد في الوقت الحاضر، كي لا تتطور امور المنطقة من سيئ الى اسوأ؟ هل عليه ان يتنحى مباشرة او ان تغطي ابتعاده عن الحكم تغطية دولية لعدم ملاحقته قضائيا كمجرم حرب كما حصل مع معظم الدكتاتوريين الذين فقدوا سلطتهم بطريقة او بأخرى، انطلاقا من قناعة روسيا انه يستحيل على الاسد الاستمرار في حكمه بعد الذي فعله على مدى خمس سنين، اضف الى ذلك ان الوضع السوري الداخلي غير مهيأ لان يتقبل فراغ السلطة بعد سنين طويلة من حكم النظام الواحد (…)
وما يخص لبنان في هذه المرحلة الحرجة جدا هو ملء الفراغ الرئاسي، اذ تقول مصادر ديبلوماسية ان الرئيس بوتين سيثير هذا الموضوع انطلاقا من حرص موسكو والرياض الى انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، بحسب ما اشار اليه وزير الخارجية الروسية مخائيل لافروف الذي سبق له القول صراحة ان «روسيا مع رئيس توافقي مقبول من الجميع»، وهذا رأي السعودية التي سبق لها ان اعلنت ضرورة ملء الفراغ الرئاسي في لبنان بالتفاهم بين اللبنانيين على من يتولى المنصب؟!
ومن الان الى حين عقد القمة السعودية – الروسية سيكون كلام كثير على لبنان وما اذا كان سيبحث في القمة وما هو نصيبنا من الحل المرجو بتفاهم الرياض – موسكو، مع ما يعنيه ذلك من تفاهم روسي – ايراني على تخطي عقدة رئاسة الجمهورية في لبنان، قناعة من الجانبين بأن لبنان المحرر من تعقيدات الخارج غاية دولية واقليمية ومن الواجب حمايته من اي تدخل يؤثر على وحدته الداخلية التي تتأثر بكل ما من شأنه ان يخفف من وطأة الحرب السورية وصولا الى دور ايران في الصراع الاقليمي المتفاقم في كل من العراق وسوريا والبحرين واليمن؟!