IMLebanon

ثمن سياسي كبير مطلوب من لبنان فهل هو قادر على التنفيذ؟

 

لا بد من توافقات إقليمية ودولية لتحقيق بعض شروط إراحة لبنان

 

 

اعطت إستقالة وزير الاعلام جورج قرداحي مفاعيلها المرجوة الاولى لمعالجة الازمة بين لبنان والمملكة السعودية، بالتواصل الذي جرى بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وبالبيان الرسمي الصادر بعد لقاء ماكرون وبن سلمان، وبالتعهدات التي التزم بها الثلاثة، بما يعيد لاحقاً الحرارة الى العلاقات اللبنانية – السعودية إذا طُبّقت هذه الالتزامات من قبل الدول الثلاث لا سيما من قبل لبنان، الذي تقع على عاتقه اكثر من غيره المسوؤلية بتنفيذ الاصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي والالتزامات السياسية التي طلبها الطرفان السعودي والفرنسي. لكن حل الازمة بين لبنان والسعودية لن يعيد الحرارة الى العلاقات الحكومية الداخلية، ولن ينعكس بأي شكل على استئناف جلسات مجلس الوزراء ما لم يجرِ حل إشكالية «الارتياب السياسي» بالمحقق العدلي في إنفجار المرفأ طارق بيطار.

 

ولكن بدا من خلال البيان المشترك الصادر عن محادثات الرئيس ماكرون والامير محمد ان المطلوب في السياسة وفي «الاصلاحات الشاملة» كبير جداً، لا سيما في فقرات: «تطبيق القرارات الدولية، والالتزام باتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان». و«ضرورة حصر السلاح  بمؤسسات الدولة الشرعية، وألّا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال ارهابية تزعزع أمن واستقرار المنطقة، ومصدراً لتجارة المخدرات»، وشدّد ماكرون وبن سلمان على «أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان، واتفقا على استمرار التشاور بين البلدين في كافة تلك القضايا، كما اتفقا على إنشاء آلية سعودية-فرنسية للمساعدة الانسانية في إطار يكفل الشفافية التامة، وعزمهما على ايجاد الآليات المناسبة بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني».

 

ثمة من يرى انه ببعض هذه المواقف «جرى تحميل لبنان وحكومة الرئيس ميقاتي اكثرمن طاقته السياسية على التنفيذ»، نظراً لتعقيدات وصعوبات الامور لا سيما المتصلة بتطبيق القرارات الدولية ومسألة سلاح المقاومة والوضع الاقليمي، وهو امر تعلمه فرنسا جيداً نظرا لتجاربها السابقة في معالجة الازمات اللبنانية منذ ايام الرئيس الراحل جاك شيراك ومن تلاه. لكن يظهر ان هذا هو الثمن المطلوب دولياً وفعلياً لإراحة لبنان، بينما تطبيق هذه الشروط رهن بتوافقات لابد منها دولية واقليمية اكبر من لبنان، يُشكّل الكيان الاسرائيلي طرفاً فيها، ولا بد من الضغط عليه لتنفيذ المطلوب منه ايضاً، وفق القرارات الدولية المتعلقة بلبنان والوضع على الحدود الجنوبية، كونه مدخلاً للإستقرار الحقيقي السياسي والامني. خاصة ان اسرائيل لم تلتزم كل الخطوات المطلوبة لتنفيذ القرارين 425 و1601 وما بينهما.

 

ولعل تركيز سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري في تغريدته على فقرة في البيان المشترك تنص «على أهمية الحفاظ على استقرار لبنان وإحترام سيادته ووحدته، بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن (1559) و(1701) و(1680) والقرارات الدولية ذات الصلة»، إشارة واضحة على إبراز الجانب السياسي الذي اراده الزعيمان الفرنسي والسعودي.

 

ومع ذلك، فإن التعهد الفرنسي – السعودي بدعم شعب لبنان إنسانيا وتخفيف معاناته، فاتحة لخطوات إيجابية خليجية اخرى نحو عودة العلاقات مع لبنان الى طبيعتها، والتي قد تترجم عودة السفراء الى بيروت وفتح باب الحوارمع الحكومة لمواكبة تنفيذ ماتم التعهد به.

 

في الشق الداخلي، يمكن تجاوز مسألة إستقالة الوزير قرداحي سواء بتعيين وزير بديل كما تردد أذا سمّاه تيار «المردة»، او إبقاء المنصب بالوكالة بتكلف وزير التربية عباس الحلبي وزارة الاعلام، علماً ان مصادر المردة قالت لـ «اللواء» يوم السبت ان التيار يتجه لعدم تسمية شخصية بديلة بسبب الظروف التي احاطت بإستقالة قرداحي، وهوما اكده لاحقاً الوزير السابق سليمان فرنجية أمس،التزاماً بما أعلنه من بكركي بعد لقاء البطريرك بشارة الراعي».

 

إلّا ان مصادر اخرى متابعة للموضوع رأت ان قرار «المردة» بعدم تسمية بديل يمثل التيار في الحكومة، قد يريح رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من وزير غير محسوب عليهما بل ربما يكون معارضاً لهما، وقد يرتأيا انه من الافضل بقاء وزير الاعلام بالوكالة عباس الحلبي لحين إجراء الانتخابات النياية بعد خمسة او ستة اشهر وتشكيل حكومة جديدة. لذلك قد يُقدم «المردة» على تسمية شخصية اخرى ولو لم تكن من قياديي التيار بل صديقة اومقرّبة اوحليفة.

 

بالمقابل مصادر ثنائي «امل وحزب الله» اكدت ان لا حل للأزمة الحكومية ما لم يتفق اركان الحكم بما فيهم التيار الوطني الحر على إستعادة دور المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب، ليكون «مالقيصر العدل لقيصر، وما لرب الحكومة ما للحكومة، وما لحق مجلس النواب من حقوق دستورية.

 

وظهر موقف الثنائي في مقدمة نشرة اخبار قناة «المنار» ومواقف مسؤولين في الحزب امس الاول السبت، التي فَصَلَتْ بوضوح بين ملفي العلاقة مع السعودية ودول الخليج وبين ملف جلسات مجلس الوزراء. فكيف سيعالج الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي هذه المسألة من دون تجاوب التيار الوطني الحر ومجلس القضاء الاعلى؟ الجواب رهن الايام المقبلة.