IMLebanon

لبنان والسعودية:  تحديات المصالح المشتركة

كما في بيروت كذلك في الرياض: تركيز على تكامل أمرين. الأول هو الرمزية المعبّرة والمهمة محليا واقليميا لاختيار السعودية كأول بلد يزوره الرئيس ميشال عون بعد انتخابه ونيل الحكومة الثقة. والثاني هو تعزيز الرمزية بالتفاهم على خطوات عملية في مسار العلاقات التاريخية بين البلدين بعدما ظهرت غيوم لم تكن في الحسبان في سماء العلاقات. ولا أحد يجهل لماذا ظهرت الغيوم، ولا المطلوب لعودة الصفاء.

والسؤال هو: الى أي حدّ يستطيع لبنان فصل الموقف الرسمي من كل ما يهمّ العالم العربي ويدور على خارطة المنطقة عن مواقف أطراف محلية نافذة في السلطة؟ والى أية درجة تتقبّل عواصم المنطقة التزام لبنان سياسة الابتعاد عن الصراعات وكيف تقرأ ممارساته لهذه السياسة؟ والجواب البسيط ان التحدي أمامنا يبدأ من الحاجة الى ميزان دقيق جدا في وضع داخلي وخارجي بالغ التعقيد، ولا ينتهي بالقدرة الفعلية على ضبط الجميع تحت سقف الابتعاد عن النار المشتعلة وصراعات المحاور.

ذلك ان الدنيا تغيّرت بالنسبة الى السياسة الخارجية التقليدية للبنان ومختصرها: مع العرب اذا اتفقوا، وعلى الحياد اذا اختلفوا. فالأوضاع العربية صارت أخطر من كل ما عرفناه من خلافات. والصراع حاليا هو بين ما بقي من مركز للقوى العربية وبين القوى الاقليمية المندفعة على المسرح العربي. وفي صراع المحاور، فان اللعبة الأكثر تأثيرا على لبنان هي التي تدور بين ايران والسعودية وتدار باردة وحارة.

وليس الدكتور علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي هو المسؤول الايراني الأول الذي يرى محور المقاومة يبدأ من ايران مرورا بالعراق وصولا الى سوريا ولبنان وفلسطين. فالانطباع السائد في العالم العربي ان مشروع المقاومة هو اسم مستعار للمشروع الايراني. وأقل ما فهمه اللبنانيون من ظهور الغيوم في سماء العلاقات هو الاقتناع السعودي بأننا صرنا جزءا من المحور الايراني.

ومن هنا نبدأ معالجة الأسباب للوصول الى معالجة النتائج. من هبة المليارات لتسليح الجيش والتي أوقفتها الرياض الى قضية الاستثمارات والسياحة الخليجية مرورا بالحرص على اللبنانيين العاملين في الخليج الذين يرسلون ٦٠% من التحويلات الخارجية الى البلد. فالجانب العاطفي في العلاقات يحتاج الى العمق العملي عبر نظام المصالح المشتركة. ورأس المصالح المشتركة الممانعة في دفع لبنان نحو أزمة مع السعودية. وقمة المصلحة الوطنية اللبنانية ألاّ يكون الوطن الصغير جزءا من المحور الايراني، وأن يكون على علاقة جيّدة مع ايران والسعودية.

وليس أهم من الطابع الرمزي للزيارة سوى الطابع العملي والواقعي.