انضم الى قادة الجيش الاميركي في المؤتمر الذي عقدته واشنطن في قاعدة اندروز الجوية من اجل البحث في جهود الائتلاف الدولي في الحملة الجوية حاليا ضد تنظيم الدولة الاسلامية ممثلون عسكريون لحكومات 21 دولة هي الى جانب الدول الغربية الحليفة للولايات المتحدة السعودية والبحرين ومصر والامارات العربية والعراق والاردن والكويت ولبنان وقطر. ادراج لبنان من ضمن الائتلاف يمكن ان يثير اشكالية سياسية داخلية في ضوء المعارضة التي اعلنها “حزب الله” على لسان امينه العام السيد حسن نصرالله الشهر الماضي ان “يكون لبنان جزءاً من التحالف الدولي” كما قال، على رغم ان موقفه يتناقض مع موقف النظام السوري الحليف له والذي اعتبر نشاط التحالف يصب في مصلحته وهو يشكل جزءاً غير معلن منه. وبالنسبة الى العارفين المتابعين فان الحزب يمكن ان يثير مشكلة اذا كانت ثمة نية لديه في تصعيد الوضع الداخلي. لكن الامر قد يتم تجاوزه في حال عدم وجود رغبة لدى الحزب في افتعال مشكلة. اذ تقول مصادر وزارية ان مشاركة قائد الجيش العماد جان قهوجي في اجتماع واشنطن قد تكون مماثلة لمشاركة وزير الخارجية جبران باسيل في المؤتمر الذي عقد في جدة في 11 ايلول الماضي سعيا لحشد الدعم العربي والتركي لانشاء تحالف دولي ضد داعش وجمع وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى الدول الاقليمية، وهي نفسها التي شاركت في اجتماع واشنطن، وكان لبنان من بين هذه الدول واثارت مشاركته جدلا لكن لم يستمر طويلا. وتاليا فان ما ينطبق على الشق السياسي المتصل بمشاركة لبنان في اجتماعات التحالف الدولي قد ينسحب على الشق العسكري على رغم ان لهذا الشق الاخير اهمية مضاعفة. فاذا اخذ موضوع مشاركة لبنان من منطلق خوض الدولة اللبنانية حربها الخاصة ضد تنظيم الدولة الاسلامية الذي بات يهدد مناطقه وارضه وفقا للمنطق الذي يعلنه “حزب الله” في معرض تبريره ذهابه للقتال الى سوريا. واذا اخذ في الاعتبارتلقي الجيش اللبناني وحاجته الى المزيد من المساعدات الاميركية خصوصا في الآونة الاخيرة كما المساعدات المادية من المملكة العربية السعودية في مواجهة داعش ايضا. واذا اخذ في الاعتبار ايضا ان لبنان لا يشارك عمليا في عمليات التحالف العسكرية خارج اراضيه أي في سوريا أو في العراق بما يمكن ان يضعه في موقع محوري أو ما يساهم في اخراجه عن سياسة النأي بالنفس الرسمية المعلنة التي يعتمدها، فان الامر لن يتم التوقف عنده طويلا لانها مبررات موضوعية لا تستدعي اثارة مشكلات داخلية في وقت شديد الحرج خصوصا ان الامر قد يفتح ابوابا مغلقة على التناقض في مواقف طهران والنظام السوري من هذا التحالف باعتبار طهران قبلت به بالنسبة الى العراق ورفضته بالنسبة الى سوريا التي قبله نظامها فيما تتفاوض طهران مع الولايات المتحدة على ملفها النووي وهي كشفت اخيرا تفاوضها مع واشنطن حول داعش ايضا.
وقد تم التحسب لرد فعل محتمل على هذا الاساس من خلال استباق زيارة قهوجي الى واشنطن بقول البعض انها زيارة تلبية لدعوة خاصة وليست للمشاركة في اجتماع قادة التحالف العسكريين في حين انه كان يمكن الاعلان والتمهيد لها بالكلام على مدى استفادة لبنان من مشاركته في اجتماع مماثل من اجل مساعدته اولا ومن اجل الاستفادة من أي استراتيجية قد تتخذ من اجل مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية ثانيا. وفي أي حال لا ترغب مصادر سياسية ان يتم تسليط الضوء على هذا الأمر تجنبا لفتح جدل سياسي اضافي يبدو لبنان في غنى عنه في هذه المرحلة، ولا تعتقد مصادر اخرى ان الموضوع قد يثار خصوصا ان المسألة تتصل بالجيش وليست سياسية فحسب وأي جدل يطاول الجيش يفترض حسابات عدة. اذ تعتقد هذه المصادر ان البعض ربما يعطف على مشاركة لبنان في الاجتماع العسكري لدول التحالف الدولي في واشنطن رفضه أو عدم قدرته على تلقف مساعدة عسكرية ايرانية للجيش اللبناني ولو من منطلق عدم قدرته على خرق القرارات الدولية بفرض عقوبات على طهران، ما يضع لبنان في موقع اقل ما يقال فيه انه ليس، رمزيا وواقعيا، من ضمن المحور الذي دأب المسؤولون الايرانيون على ادراج لبنان من ضمنه والذي تتزعمه طهران. بل هو في موقع النقيض الذي يدحض هذه المزاعم. لكن قد لا تكون ثمة مصلحة لدى الحزب في تسليط الضوء على ذلك من خلال اظهار لبنان خارج هذا الفلك المحوري في ظل دعاية اعلامية وسياسية قوية تسعى الى ترجمة المنطق المخالف. فالتحالف الدولي الاقليمي الذي نشط ضد داعش يشكل في مكان ما توازنا قيما في مواجهة طهران اولا من حيث اكتساب هذا التحالف بين الولايات المتحدة والدول العربية والقائم اصلا منذ اعوام كثيرة ابعادا اضافية في تعاون مقدر لسنوات عدة، أي طويل الامد، في موازاة التفاوض الغربي معها حول ملفها النووي كما في موازاة المخاوف من اطلاق يد ايران في المنطقة ثمنا لذلك. وثانيا من حيث تظهير قوة عسكرية عربية – اقليمية غير معهودة في العمليات العسكرية ضد داعش ترسخ اكثر فاكثر واقع التوازن الاقليمي وترسم حدودا لمواقع النفوذ في المنطقة.