IMLebanon

لبنان ودول الخليج  غيمة عابرة

في الطريق الدولية من العاصمة بيروت إلى الجبل، هناك منطقة قبل مدينة عاليه يُقال لها منطقة القصور، الذي يدقق قليلاً يجد أنَّها قصور اخواننا الكويتيين الذين كانوا يواظبون كل صيف، منذ منتصف القرن الماضي، على تمضية فصل الصيف في لبنان، في عاليه وبحمدون وصوفر وزحلة وبرمانا وبيت مري. لم ينقطع اخواننا الكويتيون عن المجيء إلى لبنان إلا عند اندلاع الحرب عام 1975، وما إنْ وضعت الحرب أوزارها حتى عادوا إلى لبنان.

كما الكويتيون، هناك الإخوان السعوديون والإماراتيون، يعتبرون لبنان بلدهم، ولقد نشأت بينهم وبين اللبنانيين علاقة ود واحترام متبادلين، فلم يأخذوا لبنان يوماً على أنَّه مصيف بل تعاملوا معه على أنَّه بلدهم الثاني، قلة قليلة منهم كانت تنزل في الفنادق، فمعظمهم تملَّكوا بيوتاً، وحين يتملَّك إنسانٌ ما منزلاً في بلدٍ معيّن، ولا ينزل في أحد فنادقه، فهذا دليل على أنَّه ثابتٌ في هذا البلد وليس مجرد نزيل فندق.

أشقاؤنا في دول مجلس التعاون الخليجي، من السعودية، إلى الإمارات، إلى الكويت، إلى البحرين، لم يكونوا ضيوفاً على لبنان بل أهله، تماماً كما اللبنانيون في تلك الدول، لم يكونوا ضيوفاً ولا وافدين بل كانوا يُعتبرون مواطنين بالمعنى الإنساني للكلمة وإنْ ليس بالمعنى القانوني.

حين اندلعت الحرب في لبنان، هبّ الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي، ولا سيما السعودية والإمارات والكويت إلى مساعدة لبنان واللبنانيين، تحمّلوا المخاطر لكنَّهم كانوا دائماً إلى جانب لبنان.

كانت هناك اللجنة السداسية العربية التي كانت برئاسة وزير الخارجية الكويتي آنذاك، أمير البلاد اليوم سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، اجتمعت مع القادة اللبنانيين ومع أمراء الطوائف والحرب في الكويت وفي تونس، ثم كانت اللجنة العربية العليا برئاسة المملكة العربية السعودية، وصولاً إلى إتفاق الطائف الذي واكبته مساعدات لإعادة إعمار لبنان.

لم تقُل دول مجلس التعاون الخليجي انها تنأى بنفسها عمّا يجري في لبنان بل قدَّمت له العون وكانت لها اليد الطولى والقلب الكبير في مساعدته:

لا يُبنى جسر إلا ونقرأ أنه هبة من الصندوق الكويتي أو من دولة الإمارات أو من المملكة العربية السعودية، لا تمرُّ شاحنة مساعدات إلا وعليها العلم الكويتي أو السعودي أو الإماراتي. لم نقرأ يوماً عن خلية إرهابية من الكويت أو السعودية أو الإمارات في لبنان، بل المساعدات والتدخل لمصلحة بناء لبنان.

هذا هو الخليج بالنسبة إلى لبنان المقيم أما بالنسبة إلى لبنان المغترب، فمعظمهم في السعودية والإمارات والكويت:

يبنون حيث هُم ويَجْنون حيث هُم، ويمدُّون بلدهم بما يَجنون، فيبنون بلدهم في الوقت الذي يبنون فيه بلدانهم الثانية التي لم تُقصِّر معهم يوماً، لكن بعض السياسات وبعض السياسيين يمكن أن يهدموا في أيام ما بُني في قرن تقريباً، ولكن هذا ما لا يسمح به ولن يسمح به الشعب اللبناني، المقيم والمغترب، فالعرق الذي بذله وحتى الدماء التي بذلها والليالي التي سهرها، لن تذهب سدى لكي يتمتّع الفريق الآخر بقطع ارزاق اللبنانيين العاملين في دول الخليج وتدمير كل ما بني من علاقات اخوية مثمرة على مدى عقود، فلبنان كان عنوانه ثقافة الانفتاح والاستقرار الأمني والسياحي، كما الازدهار الاقتصادي بعيداً كل البعد عن محاولات تغيير صيغة العيش المشترك.