الحشد في مكافحة الارهاب كبير على الطريقة الأميركية. والفعل على الأرض قليل وبطيء في مواجهة داعش الذي لم يعد محصوراً في العراق وسوريا وبعض الجرود في لبنان. واذا كان السيد حسن نصرالله استعجل نهاية اللعبة في سوريا ودعا اللبنانيين الى الاستعداد لمواجهة داعش في جرود عرسال ورأس بعلبك بعد ذوبان الثلج، فان التحالف الدولي ليس مستعجلاً. اذ يتصرف جميع أعضائه على أساس أن الحرب طويلة على الجبهة العسكرية والأمنية، وأطول بكثير على الجبهة الايديولوجية والاجتماعية والسياسية.
وأبسط ما يرمز الى تكامل الجهود المتعددة في الحرب هو عقد مؤتمرين في الوقت نفسه. واحد في الرياض هو الخامس لرؤساء الأركان في ٢٦ دولة من أعضاء التحالف الدولي للحرب على داعش. وآخر في واشنطن حضره ممثلون من ٦٠ دولة تحت عنوان مكافحة التطرف العنيف. الأول لمراجعة ما دار على الأرض ومناقشة أفضل الوسائل للقضاء على داعش باستخدام القوة الخشنة. والثاني للبحث في أنجح الطرق في استخدام القوة الناعمة من أجل كسب العقول والقلوب في المجتمعات بما يجفف منابع التطرف العنيف ويعزل الارهابيين الذين يحرّفون الاسلام ويمارسون الذبح باسمه كما قال الرئيس باراك اوباما.
لبنان شارك في مؤتمر الرياض، ليس فقط كعضو في التحالف الدولي بل أيضاً كبلد واجه داعش والنصرة ب القوة الخشنة من دون مساعدة جوية من دول التحالف التي تقوم بغارات في العراق وسوريا. فهو قاتل الارهابيين باللحم الحي من دون أن ينتظر جيشه تسلم ما يحتاجه من أسلحة متطورة. ونجح أمنياً في تفكيك خلايا داعشية نائمة واحباط عمليات ارهابية قبل تنفيذها. ولم يشارك في مؤتمر واشنطن احتجاجاً على دعوة العدو الاسرائيلي اليه. لكنه ليس خارج أهداف المؤتمر عملياً. ومن مصلحته أن يكون حاضراً وقت العمل لتأسيس شبكة دولية ضد التطرف العنيف أو أقله في عمل الشبكة بعد التأسيس للافادة من تبادل المعلومات والدعم.
ذلك ان لبنان بتركيبته نموذج القوة الناعمة التي تحول دون جاذبية الفكر التكفيري. فالرئيس اوباما يركز على دور الديمقراطية والتعددية. ونائبه جو بايدن يقدم للأوروبيين نموذج وعاء الصهر الأميركي، أي سهولة انخراط الاقليات في المجتمع الأميركي. ووزير الخارجية جون كيري يرى ان علينا محاربة التهميش لمكافحة التطرف. واذا كانت هذه هي الأسلحة المطلوب استخدامها في الحرب الوقائية ايديولوجياً واجتماعياً وسياسياً ضد التطرف، فإنها موجودة ومستخدمة سلفاً في لبنان، حيث التعددية والديمقراطية، على علاتها، واللاتهميش لأحد.
لكن الأسباب التي تقود الى التطرف العنيف أشد تعقيداً من تشخيص اوباما وعلاج بايدن وكيري