IMLebanon

لبنان والقمة الاسلامية :  أبعد من الورطة والحرج

لبنان بات في ورطة وحرج، مهما كابر، كلما ذهب الى اجتماع عربي أو اسلامي. ولم يعد مرتاحاً أو قليل الشكوك والمخاوف في أي لقاء مع مسؤول دولي أو في أي اجتماع دولي موضوعه تحديات حرب سوريا أو حاضر النازحين السوريين ومستقبلهم على أرضه. وليست القمة الاسلامية في اسطنبول استثناء من القاعدة. فهو محرج بمقدار ما يجب ان يشكل إحراجاً لقادة البلدان الاعضاء في منظمة التعاون الاسلامي، لكونه بلا رئيس هو الرئيس المسيحي الوحيد من بين ٥٧ ملكاً ورئيساً وأميراً. وهو في ورطة أشد تعقيداً من تبسيط الخروج منها بمادة وحيدة في الامتحان السياسي هي الانشاء العربي.

ذلك ان من الصعب، مهما تكن البراعة كبيرة في تدوير الزوايا، ترتيب موقف رسمي مختلف تماماً عن مواقف القوى المتناقضة التي تشكل السلطة سواء في المجلس النيابي أو في مجلس الوزراء. والأصعب هو اقناع الدول العربية والاقليمية التي تخوض صراع المحاور والمشاريع بالفصل بين ما يعلنه رئيس الحكومة أو الوزير المختص وبين البيانات والتصريحات الصادرة عن القوى السياسية والكتل النيابية وحتى الوزراء. وهذا ما واجهنا في اجتماعات الجامعة العربية وبعدها وفي الاجتماع الطارئ لمنظمة التعاون الاسلامي وبعده، لجهة الأخذ والرد حول المواقف من التدخل الايراني في الشؤون الداخلية العربية كما من حزب الله وتصنيفه عربياً واسلامياً في خانة التنظيم الارهابي. وهو ما دفعنا ثمنه ولا نزال، مع معرفة الجميع ان في لبنان تيارات مع السعودية وأخرى مع ايران، وان من المستحيل الموافقة الرسمية على ادانة مكوّن لبناني في السلطة والمجتمع.

والظاهر ان البيان المرتقب صدوره بعد قمة اسطنبول قد يتضمن نوعاً من الترحيب بالحوار بين الأطراف السياسية اللبنانية ومن حضّ الدول الأعضاء على تعزيز قدرات الجيش والقوى الأمنية للقيام بمهماتها في محاربة التنظيمات الارهابية. واذا لم يكن هذا مفتاحاً رمزياً لعودة الرياض عن قرارها وقف هبة المليارات الأربعة لتسليح الجيش والقوى الأمنية ردّاً على ما وصف بأنه تحكّم حزب الله بالقرار اللبناني وخروج سياساته على الاجماع العربي، فان لبنان سيجد المتغير ثابتاً في المعادلة: الدعم نظري والعقاب عملي.

والواقع ان المطلوب صعب، وان كان من الممكن ترتيب صيغة على الورق، لأن تنفيذه يعني اشتباكاً داخلياً خطراً وخطيراً. والتجاهل الكامل لما هو مطلوب يعني انعزال لبنان أو عزله عن مسار التضامن العربي مع ما يقود اليه من خسائر سياسية واقتصادية وتصعيد في العصبيات التي صارت مع الأسف محرّك التاريخ في المنطقة.