Site icon IMLebanon

لبنان ودروس لوبن بالتخلُّص من الهجرة

بعد فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية سافرت مارين لوبن زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية (الحزب اليميني المتطرّف) إلى نيويورك بهدف الاجتماع به. وصلت إلى برج ترامب ولم تتمكن من لقاء الرئيس. يبدو انه لم يكن راغباً في استقبالها. ها هي اليوم تجد في لبنان من يستقبلها. فهي تسعى إلى الظهور بمقام رجل دولة، كما كتبت صحيفة “لو موند”، بلقائها الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري. هل تعطي السيدة لوبن المسؤولين اللبنانيين دروساً في كيفية التعامل مع الأجانب في بلدهم؟ كان ينقص لبنان مثل هذه الدروس.

عرضت لوبن برنامجها الرئاسي قبل وصولها إلى لبنان وفيه فرض ضريبة ١٠ في المئة على أي شركة فرنسية توظّف أجنبياً. وفي لبنان هناك أكثر من مليون لاجئ سوري وأكثر من نصف مليون لاجئ فلسطيني، وجزء من اللبنانيين لا ينتظر لوبن ليكون لديه مثل هذه الأفكار المعادية للأجانب. لقاؤها الرئيس سعد الحريري سيكون مناسبةً لها للتباهي بأنها تلتقي أول رئيس حكومة مسلم كي تُظهر أنها معتدلة وليست ضد الإسلام، في حين أن لدى “الجبهة الوطنية الفرنسية” كما لدى جزء من اليمين الفرنسي، حتى المعتدل فيه، مشكلة مع الإسلام وتطرّفاً إزاء هذا الدين وخلط بينه وبين الإرهاب. شاركت لوبن في برنامج تلفزيوني سياسي أحياه دافيد بوجاداس والصحافية اللبنانية الأصل نجمة الشاشة الفرنسية ليا غسان سلامة، وقالت في هذا البرنامج إنها تنوي أن تفرض على الفرنسيين ذوي الأصول غير الأوروبية أن يتنازلوا عن جنسيتهم الأولى إذا كانت لديهم جنسية مزدوجة. كانت تقول ذلك لصحافية لبنانية الأصل لامعة ومعروفة تريد لوبن إذا أصبحت رئيسة لفرنسا أن تنزع إحدى جنسياتها عنها. إن حظوظ لوبن بالوصول إلى الرئاسة واردة لكون المرشّح اليميني للحزب الجمهوري فرانسوا فيون قد ضعف في استطلاعات الرأي بعد فضيحة “بنيلوب غيت”. أما المرشح الآخر إيمانويل ماكرون، وهو غير معروف ما إذا كان يمثل اليسار أو اليمين أو الوسط، فهو أيضاً ضعف في استطلاعات الرأي لأنه أثار غضب البعض في فرنسا عندما قال إن الاستعمار الفرنسي للجزائر جريمة ضد الإنسانية.

الرؤية ما زالت غير واضحة بالنسبة إلى من يصل إلى الدورة الثانية في الانتخاب الرئاسي بوجه لوبن. لكن الملفت أن المرشحين الأساسيين للرئاسة الفرنسية يزورون لبنان كأن هذا البلد العربي هو المحطة الأساسية لهم للبحث عن رونق دولي ولكون لبنان يمثل كل المشاكل التي يتكلم عنها المرشحون: الهجرة ومسيحيو الشرق والإسلام والحرب السورية والإرهاب. ماكْرون زار لبنان وكانت بيروت أولى محطاته الدولية قبل الجزائر العاصمة حيث وقع في فخ المواقف الفرنسية الصعبة إزاء تاريخ الجزائر. وفيون كان ينوي زيارة لبنان والعراق لكنه أجّل ذلك بسبب “بنيلوب غيت”، ولكن، سبق لفيون أن زار لبنان مرات عدة لاهتمامه بمسيحيي الشرق، وهو قال في إحدى إطلالاته التلفزيونية وكان يتكلم عن برنامجه بإلغاء الضمان الصحي انه مسيحي ولا يسيء التعامل للفقراء، ولكن تبين بعد ذلك أن مسيحيته لم تمنعه من الاستفادة من نظام فرنسي جعله يشغل زوجته وأولاده معاونين له، ما أجبره على الاعتذار للشعب الفرنسي. ولفيون علاقات خاصة برجل أعمال لبناني معروف على الساحة السياسية اللبنانية دعاه مرات عدة إلى لبنان، وكان من حظ هذا المواطن اللبناني أن يعرّفه صديقه فيون على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

هذه الأخبار تناقلتها أوساط لبنانية متابعة للمجتمع وللسياسة في لبنان، فيبدو ان هناك ما يجذب مرشحي الرئاسة الفرنسية في لبنان أنه بلد يحظى بمحبة الشعب الفرنسي على رغم كل مشاكله. لكن لبنان ليس في حاجة إلى أفكار زعيمة حزب يميني متطرف تسعى إلى خراب اقتصاد فرنسا بالخروج من اليورو والعودة الى الفرنك مع زيادة دين الفرنسي بـ ٧ بلايين يورو سنوياً وللشركات بـ ٥٠ بليوناً سنوياً. وبفرض ضرائب على الشركات التي توظف أجانب، في حين أن عمال التنظيف في فرنسا أفارقة من مالي وغيرها والفرنسيون لا يعملون في هذه المهنة، كما أن معظم صناعة السيارات الفرنسية قائم على اليد العاملة المغربية الأصل. وعلى رغم ذلك كله هناك تخوف من وصول لوبن إلى سدة الرئاسة، علماً أن المجتمع الفرنسي الشعبوي ما زال غير مستعد لانتخاب امرأة رئيسة.