السيناريو يتكرر عشية كل تمديد لمهمة القوات الدولية في الجنوب اللبناني. وهي بالطبع المهمة المحددة بالقرار ١٧٠١ الصادر عن مجلس الأمن بعد العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز ٢٠٠٦. لبنان يطالب المجتمع الدولي باستكمال تنفيذ القرار ١٧٠١ بكل مندرجاته، أي الانتقال من مرحلة وقف الأعمال العدائية الى مرحلة الوقف التام للنار. اسرائيل المستمرة في خرق التزاماتها بموجب القرار ورفض الانسحاب من أراض لبنانية تشكو الى مجلس الأمن وجود أسلحة وبنية تحتية لحزب الله جنوب الليطاني. عضو أو أكثر في مجلس الأمن يطالب بتغيير في المهمة لجهة المزيد من التشدد والتوسع في مهام اليونيفيل. والأمين العام للأمم المتحدة يقدم الى المجلس تقريرا عن حال القرار على الأرض.
هذا العام، كانت المندوبة الأميركية السفيرة نيكي هايلي صاحبة الصوت الأعلى في الدعوة الى توسيع صلاحيات اليونيفيل وتكثيف الضغوط بشكل أكبر على حزب الله لنزع سلاحه وانهاء تصرفاته المزعزعة للاستقرار وخصوصا تجاه اسرائيل. ولم يكن تقرير الأمين العام أنطونيو غوتيرش قليل الصراحة. فهو رأى ان الجانبين اللبناني والاسرائيلي لم يقوما بواجباتهما بموجب القرار. إذ على اسرائيل ان تسحب قواتها من الأراضي اللبنانية وتوقف خروقها للأجواء اللبنانية. وعلى الحكومة اللبنانية ان تمارس سلطة كاملة وتقوم بأعمال تضمن عدم وجود مسلحين غير مرخص لهم وقدرات وأسلحة في المنطقة الفاصلة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني. ولم ينس تكرار الدعوة الى نزع سلاح المجموعات المسلحة.
لكن الفرنسي الذي يلعب تاريخيا دور متعهد لبنان في مجلس الأمن يرى انه لا حاجة لتعديل في القرار. والمرجح حدوثه هو المزيد من الشيء نفسه والتسليم باستمرار الستاتيكو. فنحن ومجلس الأمن نمارس نوعا من الخداع المتبادل بالتفاهم الضمني. مجلس الأمن يطلب منّا ما يعرف اننا لا نستطيع القيام به. ونحن نطالب المجلس بما نعرف انه لا يستطيع فعله. فلا الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية كان سوى حيلة للايحاء اننا نبحث عن حلّ لسلاح حزب الله. ولا الرهان على مجلس الأمن والكبار لدفع اسرائيل الى تنفيذ التزاماتها بموجب القرار ١٧٠١ سوى حلم يقظة.
ذلك أن الوضع الجنوبي مرتبط بالوضع اللبناني المفتوح على صراعات المنطقة. وحزب الله المطلوب نزع سلاحه يزيد من تسلحه ويلعب دور قوة اقليمية في حرب سوريا وأبعد منها. واسرائيل المحمية مصالحها أميركيا وروسيا تريد إبقاء اللعبة مفتوحة للحفاظ على حرية الحركة من دون ان يقيّدها استكمال تطبيق القرار. وكان الله في عون لبنان.