منذ بداية أزمة النزوح السوري الى لبنان ودول الجوار في العام ٢٠١٢، ظهر بوضوح خلل في تعاون مفوضية اللاجئين في الاتحاد الأوروبي مع لبنان، قياسا على هذه الدول ولاسيما منها الاردن وتركيا، بخصوص ما يتعلق بالتزام الاطر القانونية، التي تنظم العلاقة بين السلطة اللبنانية والمفوضية، إن كان في مسألة اعداد وتنظيم لوائح النازحين وتواريخ واماكن الولادة، ولاسيما للمواليد الجدد، او بما يختص بتقديم المساعدات المادية المباشرة، التي تمكِّن الدولة اللبنانية من تمويل التزامات النزوح السوري، التي شكلت ضغوطا هائلة على الخزينة اللبنانية والوضع المالي والاقتصادي في لبنان.
قبل العام ٢٠١٥، زودت المفوضية الامن العام اللبناني بلوائح النازحين السوريين التي اعدتها، ولم يتجاوز عددهم يومذاك سبعماية وخمسين ألف نازح. وبعد ذلك التاريخ، تولت المفوضية التفرُّد بتنظيم داتا النازحين السوريين، إبان فترة الفراغ الرئاسي، بمعزل عن التنسيق والتعاون مع الأمن العام اللبناني او اي وزارة او مؤسسة رسمية لبنانية تعنى بشؤون النازحين، خلافا للاتفافية الموقعة بين لبنان والمفوضية لتنظيم العلاقة بينهما. واستمر تجاهل تزويدالدولة اللبنانية حتى اليوم، برغم مطالبات الادارات الرسمية العديدة، تصحيح التعاطي والتزام الاطر القانونية التي ترعى العلاقة بين الدولة اللبنانية والمفوضية في مثل هذه الحالات.
اكثر من ذلك لاحظت الوزارات والادارات المعنية بمتابعة شؤون النازحين السوريين، وجود تمييز واضح بين ما يتم منحه من اموال المفوضية، المخصصة لدعم واقامة النازحين السوريين، من بلد وآخر، وأن لبنان يحظى بأقل نسبة من هذه الاموال، بما يخص الاعداد المتزايدة للنازحين السوريين على اراضيه، قياسا على الدول الاخرى المجاورة، إضافة إلى ان معظم الأموال المرصودة، كانت تصرف، اما بشكل مباشر او بواسطة جمعيات او منظمات دولية، وخارج الاطر الرسمية اللبنانية، حاولت الحكومات اللبنانية المتعاقبة، وخلال انعقاد المؤتمرات الدولية المخصصة لمساعدة النازحين السوريين في بروكسيل، ولاسيما في دول الجوار السوري طوال الاعوام الماضية، تصويب العلاقة بين لبنان والمفوضية، والتعاطي معه اسوة بما يتم التعامل مع باقي دول النزوح، ولاسيما ما يخص تزويد المؤسسات والادارات اللبنانية المعنية، بكل المعلومات المفصَّلة عن النازحين السوريين، وزيادة المخصصات المالية لدعم مؤسسات الدولة اللبنانية، التي ترزح تحت عبء ثقيل لمواجهة متطلبات النزوح المتزايدة، ولكن لم يتم التجاوب مع هذه المطالب، الا بنسبة ضئيلة جدا، وبما لا يتناسب مع تكاليف الحد الادنى من المصاريف وتكاليف النزوح، ولاسيما على البنى التحتية الاساسية في لبنان.
حاولت الدولة اللبنانية باستمرار تجنب حدوث ازمة مع المفوضية، تفادياً لردات فعل مع دول الاتحاد الأوروبي، ووجهت مراسلات عديدة عبر الوزارات المعنية بالنازحين السوريين، جرت مؤخراً مع المفوضية، تصحيح العلاقة والمطالبة تزويدها بمعلومات تحتاجها ومن ضمنها «الداتا»، ولكن تم تجاهل كل هذه المراسلات ومن دون الاجابة عليها، إلى ان انفجرت ازمة العلاقه بين لبنان والمفوضية مؤخرا، من خلال الكتاب المرسل من ممثل المفوضية إلى وزيرالداخلية اللبناني، متجاوزا الأصول المتبعة في التخاطب مع إدارات الدولة، وما تبعه من موقف حاسم لوزير الخارجية عبدالله ابو حبيب، وضع الامور في نصابها وطلب التزام الأصول القانونية بالتعاطي بين الدولة والمفوضية.
يعزو البعض رفض المفوضية تزويد الدولة اللبنانية، داتا النزوح السوري في لبنان حتى اليوم، التستر عن تفاصيل عن المناطق التي ينتمي إليها هؤلاء النازحون في سوريا، ومعظمها اصبح آمناً، وبالتالي لم يعد ممكنا تغطية وجودهم في لبنان بذريعة تردي الوضع الامني في سوريا.