تجزم مصادر كتلة نيابية وازنة بأن لا معطيات جديدة على صعيد الاستحقاق الرئاسي تبرّر الحديث عن قرب انفراج واقتراب موعد انتخاب رئيس للجمهورية، وتقول إن كل ما يحكى في هذا المجال لا يتعدى حتى الآن التحليل والاستنتاج، سواء على الصعيد المحلي او الاقليمي او الدولي. محلياً، جاء الموقف الاخير من رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون، المرشح الرئاسي لـ”حزب الله” وفريق 8 آذار، وقد أشار فيه الى “تقدم بسيط على صعيد الاستحقاق الرئاسي بصرف النظر عمن وكيف”.
وحرصت المصادر المشار اليها على معرفة خلفية هذا الموقف وحقيقته، فتبين لها ان لا علاقة له بمضمون الاجتماع الذي تركز بحسب معلوماتها على نقاط ثلاث تتعلق بمراسيم النفط وبرفض التمديد لقائد الجيش والقادة الامنيين، والثالثة تتعلق بعضوية لجنة الرقابة على المصارف. ويبدو واضحا ان كل حديث عن تقدم بسيط او اكثر في الملف الرئاسي يبقى في هذه المرحلة مرتبطا بمسار الحوار الاميركي – الايراني وبدفعات على الحساب من اميركا لايران، وآخر تجلياتها بعد الانقلاب الحوثي في اليمن، قتال الحرس الثوري الايراني بقيادة الجنرال قاسم سليماني في العراق بتغطية عسكرية اميركية “في تحالف مستمر مع “الشيطان الاكبر” منذ العام 2003″ وفق تعبير مصادر سياسية لبنانية، تسأل في المناسبة، عن سبب احجام الحرس الثوري الايراني عن المشاركة في القتال دون غطاء أميركي؟
وفي موقف لافت، تقول هذه المصادر إن دور الحليفين الاميركي والإيراني، تدمير العالم العربي وتفتيته تحت غطاء محاربة “داعش” التي ترسم آلاف علامات الاستفهام حول مصادرها والجهات التي تمولها وتسلحها، ولا تزال الذخيرة تتساقط بالخطأ فوق مناطق نفوذها من الطيران الحربي الاميركي! وهذا ما يبدو جليا في اكثر من عاصمة عربية من العراق الى سوريا فاليمن والبحرين وليبيا وهلم جراً…
وتلفت المصادر نفسها الى “كلام خطير” ورد على لسان مستشار الرئيس الايراني حسن روحاني، وزير الاستخبارات في عهد الرئيس محمد خاتمي، علي يونسي الذي قال “إن ايران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ، وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي”. وترى ان اقل ما يقال في هذا الكلام انه قمة الاستكبار والتجبّر والاعتراف الواضح بالتورّط في المخطط الهادف الى تفتيت دول المنطقة، مستغربة ان يمر هذا الكلام دون توضيح ايراني، او دون تحرك وزارات الخارجية ومنها اللبنانية، لاستيضاحه ومعرفة خلفياته!
أما على الصعيد الاقليمي والدولي، واستنادا الى كلام لوزير الخارجية الاميركي جون كيري يشير فيه الى “مرحلة متقدمة جدا بلغتها المحادثات الاميركية – الايرانية على صعيد الملف النووي الايراني، فإن من سمعوا هذا الكلام من كيري قبل أيام قليلة في العاصمة الفرنسية، لاحظوا انه الدافع الى الحديث عن تطور في الملف الرئاسي. وللمناسبة، وعلى الرغم من البيان الصادر عن امانة سر مطرانية بيروت المارونية حول “لقاء بالصدفة لراعي الابرشية المطران بولس مطر مع كيري وفي مكان عام ولدقائق معدودة”، وعلى الرغم من حرص رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن على عدم الحديث عن اللقاء مع كيري “تجنبا للحساسيات”، فإن لقاء كيري – الخازن – مطر، شكل حدثا لافتا في الشكل والمضمون والتوقيت. وقد برزت حساسيات مشابهة لدى لقاء الخازن ومطر ورئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد قبل نحو شهرين. وقد عالجها الخازن على طريقته ببيان طمأن فيه مَن شغلهم اللقاء بأن لا علاقة له بالاستحقاق الرئاسي ولا بأشخاص المرشحين. وكان طبيعيا ان يأتي التوجس في حينه من عند “الجنرال” المرشح الرئاسي وحليف “حزب الله”. وقد اصابها وليد جنبلاط كالعادة، إذ قال إن “حزب الله” ليس مضطرا الى تغيير موقفه من دعم ترشيح عون في غياب اي معطيات جديدة، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل، من جهة، على ان بروز مثل تلك المعطيات يجعل لكل حادث حديثاً، ومن جهة اخرى، ان لا جديد حتى الآن على مستوى الاستحقاق الرئاسي.
وسط هذه الاجواء، يبقى هذا الاستحقاق على لائحة الانتظار، وهذا يعني استسلاماً تاماً من الطبقة السياسية وتحديدا الكتل النيابية التي تعرقل انتخاب الرئيس بتعطيل النصاب القانوني لجلسات الانتخاب. وأخيرا يبقى السؤال: الى اي مدى يمكن لبنان ان يستمر في انتظار الحوار الاميركي – الايراني؟ وماذا لو فشل هذا الحوار؟ سؤالان يستوجبان لا أقل من صدمة إيجابية!