في مثل هذا اليوم بعد ثلاثة أشهر بالتمام والكمال، يستفيق اللبنانيون على مجلس نوابهم الجديد. 7 أيار 2018 يكون لبنان على موعد مع مجلسه النيابي الآتي على أجنحة قانون النسبية، صحيحٌ أنَّ الإنطلاقة كانت باردة، حيث لم يُسجَّل في اليوم الأول سوى تقدُّم مرشحين لتسجيل ترشيحاتهم، لكن هذه البرودة لا تعكس حماوة المعركة التي بدأت حامية الوطيس على كلِّ المستويات، المناطقية والمادية والسياسية، الجميع من دون استثناء انغمسوا في المعركة، ويصعب استثناء أحد من هذه المعمعة.
***
ولكن قبل هذا الإستحقاق الذي بدأ يشغل الجميع، لا بدَّ من التوقف عند بعض الإنشغالات التي من شأنها أن تُشكِّل حقول ألغام، ما لم تتم معالجتها بالشكل السليم.
***
أول الألغام سيكون في معاودة جلسات مجلس الوزراء، وفي المعلومات أنَّ جلسة مجلس الوزراء التي سيدعو لعقدها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، ستكون في القصر الجمهوري. المصادر ذاتها أشارت إلى أنَّ جدول الأعمال سيستبعد البنود الخلافية، وإذا ما صحت هذه المعلومات فهذا يعني أنَّ الحكومة ستكون في صدد إدارة الأزمة مع أقل قدر ممكن من الخلافات، لحين العبور الآمن إلى يوم السادس من أيار.
***
ماذا يعني ذلك؟
يعني أنَّ الملفات الكبيرة التي تستحوذ على الإهتمام والإنشغال، قد توضع على الرف اعتباراً من هذا الأسبوع وحتى أيار المقبل، هذا الأمر سيف ذو حدين:
فمن جهة يمكن تحييد الملفات الخلافية التي من شأنها أن تفجر الحكومة، علماً أنه لم يتبقَ من عمرها سوى ثلاثة أشهر، لكن من جهة ثانية قد يؤدي تأجيل الملفات إلى شلل في عمل السلطة التنفيذية. نظرياً هناك ثلاثة أشهر من الشلل، لكن عملياً فإنَّ الشلل واقعٌ منذ تشرين الثاني الفائت، ما يعني أنَّ الحكومة عاشت وتعيش ستة أشهر من الشلل، فهل يتحمَّل البلد هذا الكمَّ من التراخي؟
***
منذ توليه الرئاسة الثالثة وحتى اليوم، أخذ الرئيس سعد الحريري على عاتقه تولي حل المشكلات الطارئة والأزمات الصاخبة، بالحكمة والصبر وطول البال، وسعة الصدر. وسعى دائماً إلى إصلاح ذات البين بين المتنازعين، حرصاً على مصلحة البلاد والعباد. ولعله بهذه الروحية سيجيب عن أسئلة يطرحها خبراء وسفراء معنيون في هذا المجال، ومنها:
كيف ستستطيع السلطة التنفيذية في لبنان التوفيق بين ما هو مطلوب منها دولياً، كشرطٍ لانعقاد المؤتمرات لمساعدة لبنان، وبين عدم قدرتها على إنجاز أيٍّ من الملفات المطلوبة منها استعداداً لهذه المؤتمرات؟
إذا سُئلت الحكومة عن موازنة العام 2018، فبماذا ستُجيب؟
إذا سُئلت عن قطع الحساب لموازنة العام 2017، فبماذا ستُجيب؟
إذا سُئلت عن الزيادات على الأجور من دون إجراء إصلاحات في الإدارات الرسمية، فبماذا ستُجيب؟
***
هذا غيض من فيض الأسئلة التي ستكون أمام السلطة التنفيذية، وهي بمثابة تحديات أكثر منها أسئلة، والتحدي الأكبر أن تواجِه الحكومة هذه الأسئلة، لأنه ما نفع أن يتمكَّن لبنان من تجديد حياته البرلمانية من دون أن يستطيع تجديد حياته الإدارية التي هي عصب الدولة؟