أسبوع أميركي بامتياز في المنطقة وفي لبنان:
وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الخميس المقبل في بيروت، في سياق جولة له في المنطقة يُرجَّح أن تبدأ بالكويت التي تستضيف مؤتمر إعادة إعمار العراق.
زيارة رئيس الدبلوماسية الأميركية هي لأول وزير في عهد ترامب، فالزيارة الأخيرة لوزير خارجية أميركي للبنان كانت لجون كيري عام 2014، قبل دخول لبنان في نفق الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية.
التحضير للزيارة لبيروت كان باشره ديفيد ساترفيلد نائب مساعد وزير الخارجية، والمعروف أنَّ ساترفيلد يعرف لبنان منذ ثمانينات القرن الماضي، حين كان سفيراً لبلاده في لبنان وواكب مؤتمر الطائف.
***
لكن الزيارة للبنان في هذه الظروف، ترتدي طابعاً استثنائياً مع التطورات الإستثنائية التي تتعلق بالتهديدات الإسرائيلية، في ما يخص البلوك رقم 9 في المياه اللبنانية. وكذلك بالخط الأزرق على الحدود مع فلسطين المحتلة، والجدار الذي تحاول اسرائيل بناءه والذي يتداخل في أكثر من 13 نقطة مع الأراضي اللبنانية، بمساحة تُقدَّر بنحو 500 ألف متر مربع على طول الحدود من الناقورة إلى مزارع شبعا.
هذه القضية الساخنة ستكون في صلب محادثات تيلرسون في بيروت.
***
على رغم كلِّ هذه الملفات الإستراتيجية البارزة، يجد البعض وقتاً لسياسة الحرتقة والتهميش بحق رجالات أقل ما يقال فيهم إنَّهم يضعون قدراتهم في خدمة وطنهم.
ففي وقت يجول فيه المسؤولون في عواصم العالم بحثاً عن لبنانيين للإستثمار في وطنهم، وهناك لبنانيون لم يكتفوا برفع إسم لبنان عالياً في الإغتراب، بل عادوا إلى وطنهم ليضعوا نجاحاتهم في خدمته، ومع ذلك، وبدلاً من أن تُعلَّق الأوسمة على صدورهم، وهم لا يطلبونها، يتلقون السهام بصدورهم والطعنات بظهورهم.
في هذا السياق، مَن مِن اللبنانين لم يتابع الحملة الظالمة التي تعرَّض لها الوزير السابق والمستشار الحالي لرئيس الجمهورية لشؤون التعاون الدولي الياس بو صعب؟
هذا الرجل الذي سجَّل نجاحات باهرة في الإمارات العربية المتحدة، فأنشأ واحدة من أعرق الجامعات في الخليج، لم يتنكَّر لبلده كما يفعل كثيرون، بل أعطاه حيزاً من الإهتمام من خلال التدرج في المسؤوليات. إهتمَّ ببلدته، مسقط رأسه ضهور الشوير، فكان فيها رئيساً للبلدية وأعطاها من وقته وعقله ووفَّر لها المساعدات والأموال.
استقال من البلدية ليكون وزيراً للتربية، صحيح أنَّه مؤسس إحدى أكبر الجامعات في الخليج، لكنه في لبنان لم يُعطِ ترخيصاً لجامعة طوال فترة وجوده في وزارة التربية، وهي فترة تجاوزت السنتين.
حتى بعد منصب الوزارة، لم يهدأ، بل بسبب علاقاته واتصالاته وفاعليته، جرى تعيينه مستشاراً لرئيس الجمهورية لشؤون التعاون الدولي.
في الأزمة الأخيرة بين قصر بعبدا وعين التينة، لعب الوزير بو صعب دور حامل الكلمة الطيبة والنصح المفيد، فقدَّم الدبلوماسية الصامتة والهادئة على الصخب الكلامي، ليُفاجأ بأنه يُضرب من بيت أبيه من خلال نعته بنعوت لن نذكرها إحتراماً وتقديراً لصداقة الوزير بو صعب.
هذا الكلام شكَّل مفاجأة مدوِّية ولكن ليس لبو صعب، لأنه يعرف جيداً كاتبه.
رئيس الجمهورية بدوره العماد ميشال عون الحاسم بأمر كل شاردة وواردة اصطحب معه الوزير بو صعب أثناء تقديم واجب العزاء لقائد لواء الحرس الجمهوري، في رسالة إلى مَن يعنيه الأمر. أما الرسالة الثانية فمن خلال بيان تكتل التغيير والإصلاح الذي أشاد بالوزير بو صعب بالإسم.
ما كان يجب لكلِّ هذه الأمور أن تحدث لأنَّها كادت أن تؤدي إلى ابتعاد شخصية أكاديمية واستشارية، من مصلحة لبنان أن تبقى إلى جانب الحاكم القويّ.