دعوة كريمة من النائب ستريدا جعجع لبّيتها لحضور مهرجانات الارز العائدة بعد خمسين سنة.
غير الحضور الكثيف والمرتب،
غير وجه لبنان الحقيقي من الثقافة والعلم والحضارة (…) كان هناك التنظيم، والمسرح الذي أقيم وسط الغابة.
ولأنّ ربّ العالمين يحب الجمال، أطلّ القمر على المكان آتياً من بعلبك – الهرمل.
منظر تاريخي، كان يتعذر توقيته إلاّ بإرادة الله والطبيعة، وجاء تأكيداً على عودة لبنان الى التعايش، الى لغة المحبة، الى الرأي والرأي الآخر، الى الحوار.
لا يمكن وصف الفرحة التي عاشها الآلاف في رحاب الأرز، ولا يمكن إلاّ أن نتوقف عند هذا المشهد الرائع ونسأل أنفسنا ماذا نفعل بأنفسنا أو ماذا يفعلون بنا؟
في المقلب الثاني نرى النائب الحاج محمد رعد رئيس كتلة نواب «الوفاء للمقاومة» يهدد ويتوعّد ويقول إنّ هذه الدولة فاشلة ولا تستطيع أن تحل مشكلة النفايات، فكيف يمكنها الدفاع عن لبنان.. والحمد لله الذي خلقه وكسر القالب لأنّه لولا وجوده وجماعته لانتهى لبنان.
أولاً- يا حاج إذا كانت الحكومة فاشلة فأنت جزء منها، ثم لماذا تبقى فيها بل أصلاً لماذا شاركت فيها؟
ثانياً- ليسمح لنا الحاج محمد رعد، صحيح أنّ الدماء الطاهرة التي أريقت في الجنوب دفاعاً عن لبنان لا يمكن أن يتنكّر لها أحد، ولكن عليه ألاّ يتنكّر في المقابل للبيئة الحاضنة للمقاومة… منذ البداية حتى التحرير، ولكن الورطة الكبرى التي ورطنا فيها «حزب الله» تحت شعار تحرير أسرانا خطف الجنديين الاسرائيليين، ما كلف لبنان 5000 قتيل وجريح و15 مليار دولار… وعيب التنكّر للجيش اللبناني ولشهدائه الأبرار… وإسرائيل عندما اعتدت على لبنان إثر خطف جندييها لم تميّز بين عنصر في المقاومة وجندي في الجيش، لذلك فإن كل لبناني مسيحي أو مسلم، شيعي أو سنّي، درزي أو كاثوليكي (…) مهما كانت طائفته فهو دافع عن لبنان، والكل مستعد للدفاع عن لبنان وعندما تعتدي إسرائيل على لبنان لا تميّز بين لبناني وآخر.
عيب وألف عيب احتكار هذا الشرف فقط لقسم من المواطنين وإنكار فضل الآخرين الذين شاركوا في التحرير كل في موقعه.
ثالثاً- يقول الحاج رعد إنّ هذه الدولة فاشلة، ونقول: هي ليست فاشلة إنما سلاح حزبك هو الذي يفشّل الدولة ويهدمها لمصلحة دويلته.
لو كان «حزب الله» لبنانياً لالتزم مثل سائر الأحزاب، بعد «اتفاق الطائف»، وسلم مثلها سلاحه.
انتهى الاحتلال، وعقدت طاولة الحوار، فكان الحزب ينسف الحوار كلما وصل البحث الى سلاح المقاومة، والسبب أنّ السلاح ليس ملكه إنما هو في إمرة الولي الفقيه.
مَن يدفع ثمن السلاح؟
مَن يموّل الحزب؟
والمثل الفرنسي يقول:
Qui donne ordonne
أي «مَن يعطي يأمر».
رابعاً- مَن يفشّل الكهرباء منذ تسعينات القرن الماضي: منذ إقالة المرحوم جورج فرام حتى اليوم؟ فمَن هم الوزراء الذين تسلموا حقيبة الطاقة؟
ثم انّ اعتماد الغاز كان سيوفر خمسة مليارات دولار… ولم يعتمدوها، وذلك لأنّ الكهرباء ممنوعة لأنّها تمثل سياسة الحياة، وهم مع سياسة الموت.
ثم انقلبوا على سعد الحريري، وجاءوا بحكومة على رأسها نجيب ميقاتي، فماذا حصل؟
أما النفايات التي يشتكي منها الحاج محمد رعد، فلنا عودة اليها، ولن نترك لهذا الملف أن يمر هكذا.