المشهد سوريالي في لبنان الى حد الغرابة، فيه من الأحداث والتطورات ما يرفع الجبين، وفيه من التطورات والمواقف والمناسبات ما يندى لها الجبين.
من الأحداث التي تدعو الى الإعتزاز ان رئيس الحكومة سعد الحريري يُكرَّم مرتين في أقل من اسبوع: التكريم الأول هو تكريم الوفاء من المملكة العربية السعودية بشخص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حين اصطحبه في الطائرة الملكية من عمان الى الرياض، ووضع في تصرفه طائرة ملكية أقلته من الرياض الى بيروت.
التكريم الثاني يتم اليوم في قصر الاليزيه حين يمنحه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وسامًا فرنسيًا رفيعًا هو الثاني.
***
يُكرَّم لبنان في الخارج، فكيف هي الحال في الداخل؟
تشكيك وتبادل اتهامات، الى درجة تجعل المواطن يسأل نفسه: إذا كان المسؤولون هكذا، فماذا عن المواطنين؟ وماذا عليهم أن يقولوا؟
مجلس الوزراء يُقرّ خطة إنقاذ الكهرباء، فماذا حصل في المقابل؟
يُعلن وزير المال علي حسن خليل ان هناك مخالفة الى حد التزوير في المحضر، وهو يقول ان مجلس الوزراء وافق بالمبدأ على خطة شرط العودة الى الحكومة عند تنفيذ كل بند، وعند كل طرح دفاتر الشروط، لكن بيان الأمانة العامة لمجلس الوزراء يقول غير ذلك، إذ لا يتحدث عن العودة الى مجلس الوزراء عند تنفيذ كل بند.
السؤال الكبير هنا: أين يكون قد أصبح البلد حين يتهم وزير المال في الحكومة ان هناك تزويرا في تسجيل قرار مجلس الوزراء؟ فأي ثقة بين الوزراء في ما بينهم في هذه الحال؟ وكيف تفتش الحكومة عن ثقة الناس اذا كانت لا تثق بين بعضها البعض؟
وأكثر من ذلك، فحين يغرد النائب وليد جنبلاط متهكمًا على خطة الكهرباء فيصفها بأنها أول نيسان كهرباء لبنان؟ فكيف يثق المواطن بكل ما يسمعه؟
وكيف يثق المواطن حين يقول وزير فاعل، الوزير مروان حمادة: كنت على وشك الاعتكاف والاستقالة منذ أيام، لكن قررت الاستمرار في تحمل المسؤولية نزولاً عند رغبة النائب وليد جنبلاط وزملائي في اللقاء الديمقراطي.
حمادة صوّب مباشرة على وزارة الطاقة فقال: منذ العام 2010 تُعد وزارة الطاقة الأكثر فشلاً، هذه الوزارة لم يتولاها إلاّ حزب واحد، وحان الوقت ليتسلم القطاع الخاص ملف الكهرباء.
***
وسط برج بابل هذا، كيف ستكون عليه الجلسة النيابية العامة التي ستسائل الحكومة الخميس ثم الجمعة؟
تأتي الجلسة متزامنة مع ما يكون رئيس الحكومة قد طرحه في المانيا، وقد استبقه بدق ناقوس الخطر بإعلانه ان لبنان يقترب من نقطة الانهيار بسبب ضغوط استضافة 1.5 مليون لاجئ سوري، وقد أصبح مخيمًا كبيرًا لللاجئين، وقد يؤدي ذلك الى التوتر بين اللبنانيين والسوريين ويمكن أن يتحول الى اضطرابات مدنية.
***
هل يعي المسؤولون هذه المخاطر؟ هل يتوقفون عن التراشق وليس في أذهانهم سوى مقاعدهم فيما البلد يقترب من نقطة الانهيار؟