فعلاً انه بلد المفارقات:
مطلع هذا الصيف، ضربت الإشاعات أكثر من منطقة، فجرى الحديث عن عمليات إرهابية ستستهدف مرفقاً سياحياً في ساحل كسروان ومجمَّعاً تجارياً في الحازمية، وأنَّ برقيات وردت إلى الأجهزة الأمنية عن تحضيرات في هذا الخصوص، وأنَّ اعترافات أدلى بها موقوفون أدت إلى تأكيد تلك المعطيات.
***
تخوّف الناس، وبدأت الهواجس من إلغاء النشاطات السياحية ومن تردد المغتربين والسياح في تمضية عطلاتهم في لبنان، ومما زاد الطين بلة العمليات الإنتحارية التي استهدفت بلدة القاع في البقاع الشمالي، فكاد اللبنانيون أن ينعوا فصل الصيف.
لكن، ولأنه بلد طائر الفينيق الذي ينبعث من بين الرماد، هكذا انبعث الأمل مجدداً:
مئةٌ وعشرون مهرجاناً سياحياً، هذا هو لبنان!
بلد الإنقطاع الكهربائي، والنفايات المبعثرة في الشوارع، والبيئة غير النظيفة، والبحر الملوّث، والأنهر غير النظيفة، والمطار غير المتوافرة فيه شروط السلامة العامة، وغيرها وغيرها الكثير… كلها اعتبارات لم تقف حائلاً دون أن يُكمِل هذا البلد مسيرته على أفضل وجه، حيث أنَّ الناس كانوا أقوى من الصعاب وأفضل من السياسيين.
***
هذا الواقع المطمئن والمريح دفع وزير السياحة إلى الطلب من وزير التربية تمديد العطلة الصيفية لمدة أسبوع، لكي يكون بالإمكان تمديد كل المشاريع والمهرجانات المستمرة والتي لا تزال تنطلق اليوم ولشهر أيلول بالذات. وفي اعتقاد وزير السياحة أنَّ هذا الموسم يستأهل ويستأهل أن يمتد حتى نهاية أيلول، لأنه يؤمن حركة ويخلق فرص عمل ويشغل الفنانين ويعيد الناس إلى بلداتهم وهذه الحركة للمهرجانات لها إيجابيات وانعكاسات إيجابية على أكثر من صعيد ليس للعمل الفني بالذات، انما يسلط الضوء أيضاً على المناطق اللبنانية التي يعودون إليها.
***
صحيح أنَّ المدارس مرتبطة بأجندات لها علاقة بإنجاز المناهج، وصحيح أنَّ طلاب السنة الدراسية الجامعية مرتبطون بأجندات لها علاقة ببدء السنة الجامعية باكراً، ولو في الخارج، لكن ما هو صحيح أيضاً أنَّ الأجندة السياحية لهذه السنة فاقت كل التوقعات في النجاحات الباهرة، وهذا ما يرفع التحدي في البدء بالتحضير للسنة المقبلة من اليوم.
***
ولكن ماذا يفعل البلد من اليوم وحتى حلول موسم السياحة المقبل؟
بالتأكيد، هناك ضرورة إعادة تكوين السلطة من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ثم تشكيل حكومة، ثم قانون إنتخابات نيابية جديد تجري على أساسه الإنتخابات النيابية، وبالتوازي، وليس بعد ذلك، لا بد من الإهتمام بالبنى التحتية لأنها في أهمية إعادة تكوين السلطة.
