IMLebanon

لبنان وسط الإحتمالات المرعبة

 

النشاط الروسي في العالم عموما، وفي منطقة الشرق الأوسط خصوصا، برز للوجود في جملة من مواقع المنطقة وتعقيداتها وإشكالاتها التي وصلت إلى حدود خطرة في التفاقم والإستفحال.

 

من هنا بدأنا نلاحظ جهودا روسية سواء في مواقع التشنج والأخطار والأضرار المقلقة، بل والمخيفة ومنها على سبيل المثال إستفحال وضعية التشكيل الحكومي، والصراع العبثي الدائر حولها وسط الإنهيارات «الجهنمية» الكبرى التي باتت تسود الأوساط اللبنانية وصولا في ذلك إلى أقسى التوقعات وأخطرها على الوجود اللبناني بكامله، خاصة بعد أن وصلت أوضاعها إلى حدود العناد والتعنت والإصرار على أهداف تصب جميعها في موقع الإنتخابات الرئاسية المقبلة وفي التصويب على مرشح معروف وموصوف، يحاول الوصول بأسلوب «بي الكل» الضاغط والفارض والمصرّ على نتائج وصل إليها في السابق عن طريق تعطيل الحياة العامة لسنوات طويلة، إلاّ أنها «والفضل للتحالف الذي خلقها وطوّرها وتشبث بها إنطلاقا من اتفاق كنيسة مار مخايل»، أوصلت الرئيس القوي إلى موقع الرئاسة، وها هو عهده بكل قوته، يثبت بالممارسة العملية أنه عهد لم تمكنه «قوته الفرضية»، من تحقيق الحد الأدنى من النتائج الإيجابية المثمرة… وها هي سنوات العهد الأربع الأساسية تمضي وتمضي معها الفرص التي تمكن من إصلاح الأوضاع بعيدا عن سياسة الفرض والتخفي وراء القول بأنهم «ما خلّوني» بينما واقع الأمر أن ما توفّر للعهد القوي من ظروف متيحة وممكّنة لم تتوفر لغيره من الرؤساء.

 

في الإطار المستجد الذي باتت روسيا تلعبه في المنطقة عموما، وصولا إلى بلدان محددة تتمحور حول سوريا، ومن خلالها تبرز اهتماماتها بالوضع اللبناني وآثاره المتأجّجة في الوضع الداخلي المنطلقة من الوضع الإيراني والدور الذي يلعبه حزب الله في هذا المنطلق، حتى إذا ما استشعرت روسيا تغلغلا إيرانيا مختلف التطلعات والأوجه فبرز للوجود تسليما بوضعية الإنتشار الإيراني على الأرض، إنطلاقا من ذلك التسليم الأساسي الذي دفع بالنظام السوري بعد سنوات من اندلاع الثورة السورية، وأمام الضربات الموجعة والخطيرة التي تلقاها من رجال الثورة في طبعتها الاساسية الحافلة بالقوة والمؤدية إلى نتائج أفزعت النظام وتحالفاته الإيرانية المنطلقة والمدعومة بحلفاء إيران في المنطقة، وقد كانت استغاثة عالية الوقع والأثر والنتائج، دفعت بروسيا إلى الإنقضاض على الوضع السوري وقلب الأوضاع رأسا على عقب، ومع الوقت تسلّمت كثيرا من مقادير تلك البلاد، وكان مزعجا لها حقا تلك الإهتمامات الطموحة لأكثر من دولة وأكثر من وجهة بالأرض السورية التي أضحت مسرحا لجملة من الدول منها إيران وروسيا وتركيا وإسرائيل إضافة إلى الولايات المتحدة التي لبثت عيونها وأياديها ممسكة بأكثر من مفصل سوري، خاصة ما يتعلق بالغاز والبترول والمفاصل الإقتصادية والدعامة الأميركية لإسرائيل ورغباتها في الإطباق على مفاصل هامة من مراكز الحياة الحيوية السورية. وكانت روسيا تتعامل مع تلك القوى المتعددة تعاملا متفهما ومتبادلا للمصالح والغايات، إلاّ أنها لم تأنس ولم تتقبل مدى الإندفاع الإيراني ورغباته في التجذر والإستيلاء بشتى الطرق التحايلية على مواقع من سوريا ذات طابع عقائدي ومذهبي مع جملة من المطامح التي لم تخفها يوما مرتبطة بأحلامها ومخططاتها القائمة في منطلقات ما خططت له في إطار الهلال الشيعي، وكانت جهودها الرافضة والمتحفظة تتوجه على وجه الخصوص إلى مواقع الإستقواء الإيراني على الارض السورية، وهكذا، وجدت روسيا نفسها تنسق في تطلعاتها ومصالحها الإقتصادية مع فرنسا فيما تعلق بتطلعاتها إلى لبنان ورغبتها في تحقيق ما أسمته «بالمهمة» على أرضه وطموحا منها إلى أرضاء شعبه وتاريخ لها عميق وهام في إطلاق الكيان اللبناني إلى الوجود. وتطورت التطلعات الروسية فتوجهت إلى الخليج العربي وفي طليعته المملكة العربية السعودية، حيث عمدت إلى مساندتها في أكثر من مجال في أوضاعها مع اليمن، طموحا منها إلى مكاسب إقتصادية هامة سعت إلى خلقها وإلى تعزيزها من منطلق التحفظ الشديد تجاه أوضاع إيران في المنطقة وتصديا لكثير من طموحاتها بالغة العمق في منطقة «الهلال الشيعي» وفي هذا الإطار، ينطلق وفد حزب الله في هذه الأيام إلى زيارة روسيا، في ضمن «خبيصة» الأوضاع والتناقضات والطموحات مختلفة الأوجه التي تسود المنطقة في هذه الايام التي ما زالت أجواؤها حافلة بالغيوم الداكنة والطموحات العوجاء، والمساعي إلى القضم حيثما يمكن للقاضم أن تمكنه أسنانه.

 

وسط هذا السعي الكبير من الجميع باتجاه المنطقة… تدور جهود ومساع وأدوار، تحاول أن تلقي بظلالها وأثرها ومفاعيلها على ما أمكن من لبنان أرضا وشعبا ومؤسسات، الأمور تتعقد مع مرور الأيام وازدياد الطموحات الشخصية والتطلع المشبوه إلى ما بعد انقضاء الوقت المتبقي من عمر العهد. والساتر المعين… هو الله جلّ جلاله.