Site icon IMLebanon

قوة الخوف الدولي على لبنان ومنه

 

ليس ما حدث سوى تغيير لاعب في لعبة معطلة بعاملين متساندين: عامل داخلي عنوانه المعلن خلاف على قواعد اللعبة وتفسير المادتين 53و 64 من الدستور حول الشراكة في تأليف الحكومة. وعامل داخلي – خارجي هو صدام الإرادات في الإمساك بموقع لبنان ووظيفته في الصراع الجيوسياسي على المنطقة. لكن اللاعب الجديد رئيس الحكومة المكلف نجيب مقاتي يأتي من النادي نفسه لرئيس الحكومة المكلف المعتذر سعد الحريري. فضلاً عن أن الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية ميشال عون ليسا اللاعبين الوحيدين. فهل تبدل شيء ما بالنسبة الى عاملي التعطيل؟

 

لا يقين حول أي شيء في لبنان باستثناء الأزمة. ولا قوي فيه، حيث كل أمراء الطوائف عاجزون عن وقف الإنهيار وحتى عن ضمان المتطلبات البسيطة في الحياة العادية للناس. فما يرافق التكليف الذي يُفترض أنه فرصة لتنفس المواطنين المختنقين بلا أوكسيجين هو زحام أسئلة لا حسم في أي جواب عنها. وما تتركز عليه الإنطباعات في المجالس هو أن ميقاتي “حريري لايت” ومتمرس في تدوير الزوايا.

 

لكن البيان الذي رشحه على أساسه نادي رؤساء الحكومات السابقين في “بيت الوسط” زاد شروطاً على شروط الحريري: “حكومة من مستقلين غير حزبيين من أصحاب الإختصاص بعيداً من تسلط القوى والأحزاب السياسية، تحظى بثقة اللبنانيين وثقة المجتمعين العربي والدولي”. فضلاً عن مجموعة قواعد بينها “إستكمال تطبيق الطائف، ممارسة الدولة لقرارها الحر، إلتزام الشرعيتين العربية والدولية، التطبيق العملي للمادة 95 من الدستور، والبدء بتطبيق الإصلاحات وإجراء حوار وتعاون مع صندوق النقد الدولي”. وليس هذا ما يريده الجميع، بصرف النظر عن الخطاب الكاذب. ولا المشكلة التي أعطت التأليف هي فقط توتر العلاقات بين الحريري ورئيس الجمهورية والقطيعة مع شريكه السابق صهر الرئيس.

 

ولا مجال الآن للهرب من الخيار بين حكومتين: حكومة لإخراج لبنان من الهاوية، أو حكومة لترتيب أمور المافيا المتسلطة. ولا تغيير في اللعبة إلا بقوتين سلبيتين: قوة العجز الداخلي عن الحفاظ على ستاتيكو الأزمة ضمن القدرة على إبقاء الرؤوس فوق سطح المياه. وقوة الخوف العربي والدولي على لبنان والخوف منه. الخوف عليه لأن “البلد-الرسالة” له دور مهم في زمن العصبيات المتصارعة ومشاريع ما دون الدولة وما فوق الدولة. ولكل دولة شيء فيه.

 

والخوف منه، لأن إنهياره يخربط اللعبة في المنطقة، ويدفع الى أوروبا ملايين اللاجئين من اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين وقد يكون بداية دومينو إقليمي وحروب من دون ضوابط.

 

في أوبرا “جيلبرت وسوليفان” الساخرة يقول البطل: “لم أفعل شيئاً على وجه الخصوص لكني فعلته بشكل جيد”. وفي حياتنا، فإن العاجزين عن فعل أي شيء لإنقاذ لبنان فعلوه بشكل جيّد في عيون المراهنين على الإنهيار. ولا عدو يستطيع تدمير البلد كما استطاعوا هم.