IMLebanon

الرهان والإتّكال على قوّة الإنهيار

 

لبنان في خريف اليأس. سلطة معطلة وعاطلة وإفتراضية. معطلة بقوة” الثنائي الشيعي” الخائف من كابوس في التحقيق العدلي في انفجار المرفأ. وعاطلة حتى عندما تعمل، إذ تجعل مصلحة الحرامية أساس أي مشروع. وإفتراضية لأنها تتخلى عن ممارسة السلطة تاركة البلد “منطقة حرة” للسلاح الإيراني والفلسطيني ولإساءة العلاقات مع الأشقاء العرب في الخليج، مكتفية بالثرثرة والمبالغة في التزلف للأشقاء من دون أي إجراء عملي. وشعب صابر على الذين سرقوه وأفلسوه وقادوا البلد الى أكبر إنهيار مالي وإقتصادي وسياسي ويحكمونه ويتحكمون به. ولا شيء يوحي أننا في الطريق الى شتاء الغضب، مع أن كل شيء يفرض إنفجار الغضب ثورة شعبية تتعلم من دروس “إنتفاضة تشرين” العابرة للطوائف والمناطق وما كان فيها من نقاط الضعف وما واجهته من تكالب المافيا السياسية والمصرفية والميليشيوية على احتوائها وتفكيكها وضربها.

 

ومن الوهم أن نتوقع من هذه المافيا غير ذلك. والوهم الأكبر هو الإنخداع بأمرين: أولهما تصوير أي طرف لقوته بأنها قوة للبنان، وهي ضعف له. وثانيهما الإدعاء أن الدور الإقليمي الذي يلعبه “حزب الله” لا يؤثر على الداخل. فالضحية الأولى لممارسة أي طرف في بلد صغير دور قوة إقليمية هو البلد. أما المستفيد، فإنه إيران، حيث تقول صحيفة “كيهان” إن “أعظم إنجاز لثورة الإمام الخميني الإسلامية هو جبهة المقاومة بقيادة إيران” في عدد من الدول العربية. و”إنشاء الجبهة والحفاظ عليها هما الإستثمار الأفضل للجمهورية الإسلامية”.

 

لكن أقوى قوة في لبنان اليوم هي قوة الإنهيار، لا مجرد ما سمتها أستاذة العلوم السياسية برين براون، قوة القابلية للعطب”. فالإنهيار عامل مهم في حسابات ثلاثة أطراف على الأقل. حسابات تراوح بين الحث على العمل، والرهان على البديل، والإتكال على فرصة.

 

الطرف الأول هو القوى الدولية والعربية الخائفة على لبنان والمتخوفة من مضاعفات إنهياره على ضياع “البلد – الرسالة” وعلى اللاجئين السوريين والفلسطينيين من طوفان هجرتهم الى أوروبا. وهي تعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه ليبقى موجوداً عند تغيير الدول في المنطقة. وبين هذه القوى من يرى أن الإنهيار الكامل لبناء قديم يقود الى إقامة بناء جديد أفضل.

 

الطرف الثاني هو القوة المحلية – الإقليمية التي تتصور أن الإنهيار الكامل يعطيها فرصة لإقامة نظام مختلف تمسك به. لكنها تدرك أن الوقت لم يحن بعد، ولذلك تحرس بقايا النظام الذي تريد تغييره.

 

والطرف الثالث هو المجموعة الخائفة من خسارة السلطة والمواقع وتحلم بأن توظف الإنهيار في “هندسة” الفراغ، بحيث يصبح التمديد للبرلمان والرئاسة والحكومة مقبولاً كأمر واقع.

 

الزعيم اليساري في تونس حمة الهمامي وصف بلاده التي على حافة الإفلاس بأنها أصبحت “حفل شواء إقليمي ودولي”. وهذا، مع الأسف ينطبق على لبنان. لكن الإنهيار ليس قدراً لا يرد.